الثالث: أنه لو كان الذَّبحُ في موضع العيدِ جائزًا لسَوَّغ صلى الله عليه
وسلم للنّاذرِ الوفاءَ به، كما سوَّغ لمن نَذَرت الضَّرْبَ بالدُّفِّ أن تضربَ به،
بل لأوجَبَ الوفاءَ به، إذا كان الذَّبح بالمكان المنذور واجبًا، وإذا كان الذَّبح
بمكان عِيْدِهم منهيًّا عنه، فكيف بالموافقة في نفس العيدِ، بفعل بعض الأعمال التي
تُعمل بسبب عيدهم؟
يُوضِّح ذلك:
أنَّ ((العيد)) اسمٌ لما يعودُ منَ الاجتماع العامِّ على وجهٍ مُعتادٍ عائدٌ: إمّا
بعَوْد السَّنة، أو بعَوْد الأسبوع، أو الشهر، أو نحو ذلك.
فالعيد يجمع أمـورًا، منهـا: يومٌ عائدٌ كيـوم الفطر ويـوم الجمعة،
ومنها: اجتماع فيه، ومنها: أعمال تتبع ذلك من العبادات والعادات. وقد يختصُّ العيد
بمكان بعينه، وقد يكون مطلقًا، وكل من هذه الأمور يسمَّى عيدًا.
****
وقوله: «واللفظ العامُّ
إذا ورد على سَببٍ، فلا بدَّ أن يكون السَّببُ مندرجًا فيه» أي: سبب الحكم
يدخل في الحكم من باب أولى؛ لأنه إذا ورد الحكم عامًّا على سبب خاص، فإنَّ السبب
يكون من جملة أفراد ذلك العموم داخلاً فيه من باب أَوْلى.
قوله: «الثالث: أنه
لو كان الذبح في موضع العيد جائزًا...» يعني: لو كان الوفاء بالنذر
في مكان كان يُعبد فيه غير الله سبحانه وتعالى جائزًا لسوَّغه رسول الله صلى الله
عليه وسلم، كما سوَّغ الضَّرب بالدُّفِّ للمرأة التي نذرت أن تضرب بالدُّفِّ على
رأسه، فدلَّ على أنه غير جائز، أي: الوفاء بالنذر في مكان يُعبد فيه غير الله من
مواطن الشِّرك.
قوله: «وإذا كان الذبح بمكان عيدهم منهيًّا عنه...» يعني: إذا كان الذبح للنذر يُمنع تنفيذه في مكان يذبح فيه في أعياد الجاهلية المكانية؛
الصفحة 1 / 355