×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

    فالمشابهة والمشاكَلة في الأمور الظاهرة: توجب مشابهةً ومشاكلةً في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي.

وقد رأينا اليهود والنّصارى الذين عاشروا المسلمين هم أقل كفرًا من غيرهم.

****

 بأخلاق الإنسان إذا خالطه، فكيف لا يتأثر المسلم بأخلاق الكافر إذا خالطه وتشبه به؟!

إنَّ المشابهة في الظاهر تسري إلى القلب، فهي تَدلّ على الموافقة والمحبة في الباطن؛ لأنه لو لم يكن في قلبه له محبة وميول لما تشبه به، فتجد العدو لا يتشبه بعدوه أبدًا، بل يبغضه ويخالفه، وتجد الصّديق يتشبه بصديقه، والحبيب يتشبه بحبيبه، وهذا أمرٌ مشاهد.

وما سبق كله تقرير لمنع التّشبه بالكفار، فإنَّه لـمّا خَلص من بيان الأدلة الشرعية انتقل إلى الأدلة القياسية، وهي ما سمّاها بالاعتبار.

وهذا مثال آخر على أنَّ الاختلاط والتّشبه بالآخرين يؤثر، فالكفار الذين عاشوا في بلاد المسلمين، ورأوا عدالة الإسلام وأخلاق المسلمين، صاروا أقلَّ كُفرًا من الكفار الذين ليسوا في بلاد الإسلام، والعكس بالنسبة للمسلم الذي يعيش في بلاد الكفار، فإنه يصير أكثر تشبّهًا بهم وبأخلاقهم، فتجد فيه رقَّة في دينه، ولذلك شُرعت الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام فرارًا بالدين؛ لأجل أن يأمن الإنسان على دينه من الضياع، وخوفًا من أن يندمج هو وأسرته في المجتمعات الكافرة، فيكتسبوا صفاتهم وأخلاقهم.


الشرح