قوله: «كما أمرنا بالصلاة
في النعلين...» هذا أيضًا مما نخالفهم فيه، فإنَّ
اليهود لا يصلُّون في نعالِهم، فأمرنا بمخالفتهم، ولقد كان يصلِّي عليه الصلاة
والسلام في نعليه، وأَمر بالصلاة بالنعلين مخالفة لليهود، ما لم يكن فيها نجاسة،
أو يمنع من لِبسها مانع، كما هو الحال اليوم، فإن المساجد أصبحت مفروشة بالسجاد،
وصار الدخول بالنعال فيه إساءة وتلويثًا للمسجد، فحينئذٍ تُخلع النِّعال عند دخول
المسجد، أمَّا فيما سبق فكانت أرض المساجد ترابية، فلا مضرة أن يدخلها المصلى
منتعلاً.
قوله: «اللَّحْدُ
لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» ([1]) ومن العادات التي
نخالفهم فيها في الصفة: اللحد، وهو الذي يُوضع فيه الميِّت، فإن عادة مَن
قبلنا في القبر أنَّهم يشقُّونه شقًّا في قاع القبر، بقدر ما يسع الميت، ثم يضعون
فوقه شيئًا يمنع عنه التراب كالسقف، وأما نحن فلنا اللَّحد، وهو أن يكون الشَّق في
جانب القبر مما يلي القِبلة، وسمي لحدًا لأنَّ اللَّحد أو الإلحاد في اللغة:
الـمَيْل؛ لأنه مائل سمت عن سمت القبر، فيُوضع فيه الميت ويُسدُّ عليه باللَّبنات
ثم يهال عليه التراب، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «اللَّحْدُ لَنَا
وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا»، وهذا من باب المخالفة في العادات.
قوله: «وسنّ توجيه قبور المسلمين إلى الكعبة تمييزًا لها...» يعني: أنَّ أصل دفن الميِّت من الأمور المشروعة لجميع الأمم، وهذا مما كرَّم الله به الإنسان على غيره من الدَّواب، فإنه تُدفن جثته ولا يترك للسباع
([1])أخرجه: أبو داود رقم (3208)، والترمذي رقم (1045)، والنسائي رقم (2009)، وابن ماجه رقم (1554).