×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثالث

    وقال: حدثنا وكيع، عن الحكم بن حكيم، عن أمه، عن أبي بَرْزَة: أنه كان له سكّان مجوس، فكانوا يُهدون له في النَّيروز والمهرجان، فكان يقول لأهله: ما كان من فاكهة فكلوه، وما كان من غير ذلك فردُّوه. فهذا كله يدلُّ على أنه لا تأثير للعيد في الـمَنْع من قبول هديتهم، بل حكمها في العيد وغيره سواء؛ لأنه ليس في ذلك إعانة لهم على شعائر كفرهم، لكن قبول هدية الكفار من أهل الحرب والذِّمة مسألة مستقِلّة بنفسها فيها خلاف وتفصيل ليس هذا موضعه، وإنما يجوز أن يؤكَل من طَعام أهـل الكتاب في عيدهم بابتياع أو هدية أو غير ذلك مما لم يذبحوه للعيد.

****

 سبق الحديث عن هذا: أنَّ ما كان من المباح أصلاً كالثمار والفواكه، فهذا يُقبل هديّة ولو أهدوه في يوم عيدهم، وأمّا ما كان خاصًّا بعيدهم كالذبائح التي يذبحونها لعيدهم، فهذا لا يجوز قبول الهدية منه أو أكله.

هذا كما سبقت الإشارة إليه، والخلاصة: أنَّ ما كان أصله مباحًا كالطعام والفواكه والثمار فأهدوه للمسلمين جاز للمسلم أن يقبله، وإن كان في أيام عيدهم؛ لأنَّ هذا يكون جاريًا على الأصل وهو الإباحة، وأما ما كان مخصَّصًا لعيدهم، أو فيه تقرب لغير الله كالذّبح للصليب، فهذا هو الذي يحرم ولا يجوز أن يُقبل منهم هدية، وذلك لأمرين: أنه تشجيع لهم على إقامة ضلالهم، والثاني: أنه مما حرمه الله، ومما أُهل به لغير الله.


الشرح