×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

الإرهاب ما يسوغ منه وما لا يسوغ

الحَمْدُ للَّه ربِّ العَالَمين، والصَّلاة والسَّلام عَلَى نبيِّنا مُحمَّدٍ وآلِهِ وصحبِهِ أجْمَعين، وبَعْد:

فقَدْ كَثُر الحَديثُ عَن الإرْهَاب فِي هَذَا الزَّمان، وَالتَّحذير منهُ، فكَانَ لا بُدَّ لي من كَلِمَةٍ حَوْلهُ أُوضِّح فيها ما يَبْدُو لي حَوْلهُ؛ إزَالةً للَّبس الَّذي حَصَل فِي هَذَا المَوضُوع، فأقُولُ مستعينًا باللَّه تَعَالَى:

«الإرْهَابُ» معناهُ: التَّخويفُ، مأخُوذٌ من رَهَب إِذَا خَافَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي وَصْف أنبيائِهِ: ﴿ٓ إِنَّهُمۡ كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ [الأنبياء: 90] ؛ أيْ: خَوْفًا وَطمعًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱدۡعُوهُ خَوۡفٗا وَطَمَعًاۚ [الأعراف: 56].

وَالإرْهَاب منهُ ما هُوَ حقٌّ مَأْمُورٌ به شرعًا، وَهُوَ إرْهَابُ العَدوِّ المُعْتدي من الكُفَّار وغَيْرهم، لكفِّ عُدْوانه ومَنْع شرِّه عَن المُسْلِمِين.

قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ ٱلۡخَيۡلِ تُرۡهِبُونَ بِهِۦ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمۡ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمۡ لَا تَعۡلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعۡلَمُهُمۡۚ [الأنفال: 60]، فإِرْهَابُ عَدوِّ اللَّه وَعدُوِّ المُؤْمنين من الكُفَّار الَّذين لا عَهْدَ لهُم، والمُنَافقين، مطلُوبٌ شرعًا؛ لأنَّهُ إرْهَابٌ بحقٍّ، أمَّا الإرهابُ بغَيْر حقٍّ وهُوَ إرْهَابُ المُؤْمنين، وَإرْهَاب المُعَاهدين منَ الكُفَّار، فَهُو مُحرَّمٌ وممنُوعٌ شرعًا؛ لأنَّهُ بغَيْر حقٍّ، وقَدْ جاء النَّهيُ الأكيدُ عن تَرْويع المُؤْمن، وَكَذلك تَرْويعُ المُعَاهد؛ لأنَّهُ لهُ ما للمُؤْمن، وَعَلَيْه ما عَلَى المُؤْمن.

والوَفاءُ بالعَهْد وَاجبٌ، والخيَانةُ فِي العَهْد مُحرَّمةٌ، قَالَ تَعَالَى:


الشرح