التأصيل العلمي
الحَمْدُ للَّه ربِّ العَالَمين، والصَّلاة والسَّلام عَلَى نبيِّنا
مُحمَّدٍ خَاتم النَّبيِّين، وَعَلَى آلِهِ وأصحابِهِ أجْمَعين.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلۡأُمِّيِّۧنَ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ
عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمۡ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ
وَإِن كَانُواْ مِن قَبۡلُ لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ﴾ [الجمعة: 2].
إنَّ المُعلِّم الأوَّل هُو رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، تلقَّى
العِلْمَ عن ربِّه، وتلقَّاهُ عنهُ أصحابُهُ، وتلقَّاهُ عَنهُم التَّابعُون
وأتْبَاع التَّابعين، كُلُّ جيلٍ يَتلقَّى العِلْمَ عَمَّن قَبْلهُ خلفًا عن
سَلَفٍ؛ فكَانَ هَذَا العِلْمُ يُتَوارثُ بَيْن أجْيَال الأُمَّة، يحملُهُ
عُلَماؤُها، ويُعلِّمُونهُ جُهَّالها.
كَانَ العُلَماءُ يَجْلسُون للطُّلاَّب فِي المَسَاجد عملاً بقَوْل
النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ
يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إلاَّ نَزَلَتْ
عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ
الرَّحْمَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» ([1]).
وَاسْتَمرَّت المَساجدُ هي بُيُوتُ العِلْمِ، ومَقْصد الطُّلاَّب يؤُمُّونها من كُلِّ حَدَبٍ وصَوْبٍ، عملاً بقولِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ» ([2])، وَامْتثَالاً لقَوْل اللَّه تَعَالَى: ﴿نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ﴾ [التَّوبة: 122].
([1])أخرجه: مسلم رقم (2699).
الصفحة 1 / 325