4- تَحْرِيمُ
الحَرِيرِ عَلَى الرِّجَالِ
فِي صَحِيفَةِ (65)
قَالَ المُؤَلِّفُ: «الذَّهَبُ وَالحَرِيرُ الخَالِصُ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ»
وَكَرَّرَ هَذِهِ العِبَارَةَ مَرَّةً أُخْرَى فِي نَفسِ الصَّفْحَةِ،
فَتَقْيِيدُهُ الحَرِيرَ بِالخَالِصِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الحَرِيرَ غَيْرُ
الخَالِصِ وَهُوَ المَشُوبُ مَعَ غَيْرِهِ لاَ يَحْرُمُ عِنْدَهُ مُطْلَقًا.
وَهَذَا خَطَأٌ وَاضِحٌ وَإِجْمَالٌ لاَ بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِهِ، ذَلِكَ أَنَّ
الحَرِيرَ غَيْرُ الخَالِصِ لاَ يَخْلُو مِنْ إِحْدَى حَالَتَيْنِ:
الحَالَةُ الأُولَى: أَنْ يَكُونَ
الحَرِيرُ هُوَ الغَالِبُ، فَهَذَا حُكْمُهُ حُكْمُ الحَرِيرِ الخَالِصِ فِي
التَّحْرِيمِ عَلَى الرِّجَالِ.
الحَالَةُ
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الحَرِيرُ مَغْلُوبًا مَعَ غَيْرِهِ، فَهَذَا مُبَاحٌ
لِلرِّجَالِ عِنْدَ الجُمْهُورِ تَعْلِيقًا لِلحُكْمِ بِالغَالِبِ. وَاخْتَارَ
ابْنُ دَقِيق العِيد وَالشَّوكَانِيّ تَحْرِيمَهُ فِي هَذِهِ الحَالَةِ
كَالحَالَةِ الأُولَى إلاَّ إِذَا كَانَ الحَرِيرُ قَدْرَ أَرْبَعِ أَصَابِعَ
فَمَا دُون. وَإِلَيْكَ أَقْوَالَهُمْ فِي ذَلِكَ:
قَالَ الحَافِظُ فِي
«الفَتْحِ» (10/ 294): «وَذَهَبَ الجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِ لَبْسِ مَا خَالَطَهُ
الحَرِيرُ إِذَا كَانَ غَيْرَ الحَرِيرِ أَغْلَب، وَعُمْدَتُهُمْ فِي ذَلِكَ مَا
تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الحلَّةِ السِّيَراء وَمَا انْضَافَ إِلَى ذَلِكَ مِنَ
الرُّخْصَةِ فِي العلمِ فِي الثَّوْبِ إِذَا كَانَ مِنْ حَرِيرٍ كَمَا تَقَدَّمَ
تَقْرِيرُهُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ؛ وَقَالَ ابْنُ دَقِيق العِيد: هُوَ قِيَاسُ فِي
مَعْنَى الأَصْلِ، لَكِن لاَ يَلزَمُ مِنْ جَوَازِ ذَلِكَ جَوَازُ كُلِّ
مُخْتَلِطٍ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْهُ مَا كَانَ مَجْمُوعُ الحَرِيرِ فِيهِ
قَدْرُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ لَوْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ
الثَّوْبِ، فَيَكُونُ المَنْعُ مِنْ لبْسِ الحَرِيرِ شَامِلاً لِلخَالِصِ
وَالمُخْتَلِطِ، وَبَعْدَ الاِسْتِثْنَاءِ يَقْتَصِرُ عَلَى القَدْرِ
المُسْتَثْنَى وَهُوَ أَرْبَعُ أَصَابِع إِذَا كَانَتْ مُنْفَرِدَةً وَيَلتَحِقُ
بِهَا فِي المَعْنَى مَا إِذَا كَانَتْ مُخْتَلِطَةً». ا هـ.
الصفحة 1 / 325