إِذَا حذَّرت من الغُلُوِّ فلا تنس التَّساهُل
وإِذَا أمرت بالولاء فلا تنس البراء
الحَمْدُ للَّه وَحْدَه، والصَّلاة والسَّلام عَلَى نبيِّنا مُحمَّدٍ
وَعَلَى آلِهِ وصحبِهِ، وبَعْد: فَقَد اطَّلعت فِي جريدة الجَزيرة عدد الأحد 10
رمضان المُبَارك عَلَى مَقَالٍ للأُستاذ حمَّاد بْن حامد السالمي يُحذِّرُ فيه من
الغُلُوِّ، والغُلُوُّ قد حذَّر منهُ اللَّهُ ورسُولُهُ صلى الله عليه وسلم، ولكن
الَّذي يُؤْخذُ عَلَى الكَاتب - هَداهُ اللَّهُ - عدَّة أُمُورٍ:
الأَمْرُ الأوَّلُ: أنَّ الَّذي يَقْرأُ
كلامَهُ يظُنُّ أنَّ هَذِهِ البلادَ تَنْحُو مَنْحى الغُلُوِّ، وهَذَا شيءٌ قد
عَافَانا اللَّهُ منهُ، فهَذِهِ البلادُ وعُلَماؤُها وأَهْلها -وللَّه الحمدُ-
تسيرُ عَلَى مَنْهج الاعْتدَال، وإنْ وقع من بَعْض الأفراد ما يُخالفُ ذَلِكَ
فَهُو غيرُ مَحْسُوبٍ عَلَى البلاَد بجُمْلتها، وَالنَّادر لا حُكْمَ لهُ، وهَذِهِ
البلاَدُ تَسيرُ عَلَى مَنْهج الدَّعوة والتَّوحيد والأَمْر بالمَعْرُوف والنَّهي
عن المُنْكر كَمَا هُوَ مَنْهجُ السَّلف الصَّالح.
الأمرُ الثَّاني: أنَّهُ اعتمد عَلَى جَانبٍ
وَاحدٍ، فَحذَّر من الغُلُوِّ ولَمْ يُحذِّر من التَّساهُل، وهُمَا طَرفَا نقيضٍ
حذَّر مِنْهُما اللَّه ورسُولُهُ، وأمرَ اللَّهُ ورسُولُهُ بالوسطيَّة والاعتدال،
فاللَّهُ كَمَا أنَّهُ غفُورٌ رحيمٌ فهُو شَديدُ العقاب، وَالنَّاسُ اليومَ
يُعانُون من التَّساهُل والتَّحلُّل أكثر ممَّا يُعانُون من الغُلُوِّ، واللَّهُ
جل وعلا حذَّر من الغُلُوِّ، وحذَّر من التَّساهُل فِي آيةٍ واحدةٍ، فقَالَ
تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُحَرِّمُواْ طَيِّبَٰتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمۡ
وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ﴾ [المائدة: 87]، فَكَما لا
يجُوزُ التَّشدُّدُ فِي التَّحريم، لا يجُوزُ التَّساهُلُ باسْتبَاحة المُحرَّمات
والتَّعدِّي عَلَى حُرُمات اللَّه.
الصفحة 1 / 325