التَّلقينُ فِي
التَّعليم سبيلُ الفهم
الحمدُ للَّه ربِّ العَالَمين، والصَّلاة والسَّلام عَلَى نبيِّنا مُحمَّدٍ
خَاتم النَّبيِّين، وَعَلَى آلِهِ وصحابتِهِ والتَّابعين لهُمْ بإحسانٍ إِلَى
يَوْم الدِّين، وبَعْد:
فقد بَعَث اللَّهُ نبيَّهُ مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم رحمةً للعَالَمين، فهَدَى به من الضَّلالَة، وبَصَّر به من العَمى، وهَدَى به إِلَى الصِّراط المُسْتقيم وأكْمَل اللَّهُ لهُ ولأُمَّته الدِّينَ، فتَرَك أُمَّتهُ عَلَى البَيْضاء، حيثُ قَالَ: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي، كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي» ([1])، فَسَار صحابتُهُ من بَعْده عَلَى سيرتِهِ، يحملُون هَذَا الدِّينَ، ويَدعُون إلَيْه ويُجَاهدُون فِي سبيلِهِ حتَّى بلغ المشارقَ والمغاربَ، وَدَخل النَّاسُ فيه أفواجًا، فعمَّ أرجاءَ المَعْمُورة بعدلِهِ وحكمتِهِ ونُورِهِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ﴾ [التَّوبة: 33] حتَّى شهدَ العالَمُ كُلُّه - إلاَّ مَنْ عَانَد بغيًا وحسدًا - بفَضْل هَذَا الدِّين، وإنَّهُ الصَّالحُ لكُلِّ زمانٍ ومكانٍ، وَلَكن بقي مَنْ أعْمَى اللَّه بَصَائرَهم، وأكلَ الحسدُ والحقدُ قُلُوبَهُم من اليهُود والنَّصَارى والمُشْركين يُحَاولُون أنْ يصُدُّوا عَنْ سبيل اللَّه، وَيُطفئُوا نُورَ اللَّه بأفْوَاههم ﴿وَيَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [التَّوبة: 32]، إنَّهُم ما زَالُوا يَرْمُون هَذَا الدِّينَ وأهْلَه بكُلِّ نَقيصةٍ وعَيبٍ، وما نسمعُهُ الآن ونَقْرؤُهُ من افْتِرَاءَاتهم عَلَى هَذَا الدِّين بأنَّهُ يُربِّي الإرهَابيِّين، وَإنَّهُ مَنْشأ التَّطرُّف، مَا هُوَ إلاَّ غَيْضٌ من فَيْضٍ، وامتدادٌ
الصفحة 1 / 325