5-
حُكْمُ إِعفَاءِ اللّحْيَةِ
ثُمَّ بَحَثَ
المُؤَلِّفُ فِي مَوْضُوعِ إِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ فِي صَفْحَةِ (81) مِنَ
الطَّبْعَةِ الرَّابِعَةِ لِكِتَابِهِ، وَوَقَعَ مِنْهُ أَخْطَاءٌ فِي هَذَا
المَوْضُوعِ إِلَيْكَ بَيَانهَا:
« الخَطَأُ
الأَوَّلُ: قَوْلُهُ: «وَلَيْسَ المُرَادُ بِإِعْفَائِهَا: ألاَّ يَأْخُذَ
مِنْهَا شَيْئًا أَصْلاً، فَذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي فِي طُولِهَا طُولاً فَاحِشًا
يَتَأَذَّى بِهِ صَاحِبُهَا. بَل يَأْخُذُ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا كَمَا رُوِيَ
ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَكَمَا كَانَ يَفْعَلُ بَعْضُ
السَّلَفِ». ا هـ.
فَقَوْلُهُ: «لَيْسَ المُرَادُ
بِإِعْفَائِهَا أَنْ لاَ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا»؛ هَذَا رَأْيُهُ وَحْدهُ.
وَنَحْنُ نَقُولُ: بَلَى وَاللَّهِ
إِنَّ المُرَادَ بِإِعْفَائِهَا الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الأَحَادِيثُ
الصَّحِيحَةُ، وَقَالَ بِهِ الأَئِمَّةُ هُوَ تَرْكُهَا عَلَى حَالِهَا بِأَنْ لاَ
يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا.
قَالَ النَّوَوِيُّ
فِي «شَرْحِهِ لِصَحِيحِ مُسْلِمٍ» (3/ 194): «وَأَمَّا إِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ
فَمَعْنَاهُ تَوْفِيرُهَا وَهُوَ مَعْنَى: «أَوْفُوا» فِي الرِّوَايَةِ الأُخْرَى
وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الفُرْسِ قَصُّ اللِّحْيَةِ فَنَهَى الشَّرْعُ عَنْ ذَلِكَ.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَحَصَلَ خَمْسُ رِوَايَاتٍ: «اعْفُوا، وَأَوْفُوا، وَأَرخُوا، وَارْجُوا،
وَوَفرُوا»، وَمَعْنَاهَا كُلّهَا تَرْكُهَا عَلَى حَالِهَا، هَذَا هُوَ
الظَّاهِرُ مِنَ الحَدِيثِ الَّذِي تَقْتَضِيهِ أَلفَاظُهُ». ا هـ. وَقَالَ مِثْلَ
ذَلِكَ الشَّوكَانِي فِي «نَيْلِ الأَوطَار» (1/ 131).
وَقَوْلُ
المُؤَلِّفِ: بَل يَأْخُذُ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ
عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ.
نَقُولُ: هَذَا الحَدِيثُ
الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ: حَدِيثٌ لاَ تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ؛ لأَِنَّهُ حَدِيثٌ
ضَعِيفٌ جِدًّا وَأَلحَقَهُ بَعْضُ العُلَمَاءِ بِالمَوْضُوعَاتِ، قَالَ الحَافِظُ
الصفحة 1 / 325