×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

هل يكُون الغناءُ مُقَوِّيًا على طاعةِ اللَّهِ؟!

ثمَّ نقلَ المؤلِّفُ عنِ ابنِ حزمٍ أنَّه قال: «فمَنْ نوَى بالغِنَاءِ عَونًا على معصيةِ اللَّهِ فهو فَاسِقٌ، و كذلك كلُّ شَيءٍ غَير الغناءِ، ومن نَوَى [به] تَرْويحَ نفسَهُ، ليَقْوَى بذلك على طَاعَةِ اللَّهِ عز وجل، ويُنشِّطُ نفسَهُ بذلك على البِرِّ فهو مُطِيعٌ مُحْسِنٌ وفعلُهُ هذا من الحَقِّ، ومن لم ينوِ طاعةً ولا معصيةً فهو لغوٌ معفوٌّ عنه، كخُروجِ الإنسانِ إلى بُسَتانِه مُتنزِهًا وقُعُودِه على بابِ دَارِه مُتفَرِّجًا، وصبغه ثَوبَهُ لازُورْدِيًّا أو أخضر أو غَيرَ ذلك». ا هـ.

والجوابُ: أنَّ هذا الكلامَ من ابنِ حزمٍ مَبنيٌّ على مذْهَبِه أنَّ الغناءَ حلالٌ، له حكمُ سائرِ المباحاتِ، وقد علِمْنَا أنَّ هذا مذهبٌ باطلٌ تَرُدُّه الأَدِلَّةُ الصَّحيحةُ من الكتابِ والسُّنَّةِ الدَّالَّة على تحريمِ الغناءِ واستماعه فلا يُلتَفَتُ إليه.

وعنده استِمَاعُ الغناءِ ممَّا يتقوَّى به على طَاعَةِ اللَّهِ، وإنَّه من الحقِّ، هو من قلبِ الحقائقِ والمغالطَةِ الواضحةِ؛ لأنَّ الغناءَ على العكسِ ممَّا ذكر؛ يصدُّ عن طاعةِ اللَّهِ، ويضلُّ عن سبيلِ اللَّهِ كمَا قالَ تعَالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡتَرِي لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ [لقمان: 6]، ولهْوُ الحديثِ هو الغناءُ كما تقدَّم بيانُه، فقوله هذا مصادمٌ للآيةِ الكريمةِ. والاستماعُ الَّذي يُستعَانُ به على طاعةِ اللَّهِ هو الاستماعُ إلى القرآنِ الكريمِ لا استماعُ الأغاني.

قالَ العلامةُ ابنُ القيِّمِ في «مَدَارِج السَّالكينَ» (1/ 485): «والمقصودُ أنَّ سماعَ خاصَّةُ الخاصَّةِ المقرَّبينَ هو سماعُ القرآنِ


الشرح