نظرة فِي الأحداث
الحَمْدُ للَّه، وَالصَّلاة وَالسَّلام عَلَى نبيِّنا مُحمَّدٍ وآلِهِ وصَحْبه وبَعْد: فَلاَ شكَّ أنَّ تَوفُّر الأمن مطلبٌ ضرُوريٌّ، والإنسانيَّةُ أحْوَجُ إليه من حَاجَتها إِلَى الطَّعام والشَّراب، ولذَا قَدَّمهُ إبْرَاهيمُ فِي دعائِهِ عَلَى الرِّزق، فقَالَ: ﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا بَلَدًا ءَامِنٗا وَٱرۡزُقۡ أَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ﴾ [البقرة: 126]، ﴿لَعَلَّهُمۡ يَشۡكُرُونَ﴾ [إبراهيم: 37] ؛ لأنَّ النَّاس لا يَهْنئُون بالطَّعام والشَّراب مع وُجُود الخَوْف، ولأنَّ الخوفَ تَنْقطعُ معهُ السُّبُل الَّتي بوَاسطَتها تُنْقلُ الأرزاقُ من بَلَدٍ لآخَرَ؛ ولذَلِكَ رتَّبَ اللَّهُ عَلَى قُطَّاع الطُّرُق أشدَّ العُقُوبات، فقَالَ: ﴿إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَٰفٍ أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَٰلِكَ لَهُمۡ خِزۡيٞ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33]، وَجَاء الإِسْلاَمُ بحفظ الضَّرُورات الخمس، وهي: «الدِّينُ والنَّفسُ والعقلُ والعِرْضُ والمالُ»، ورتَّب حُدُودًا صَارمةً فِي حقِّ مَنْ يعتدي عَلَى هَذِهِ الضَّرُورَات؛ سَوَاء كَانَتْ هَذِهِ الضَّرُورات لمُسْلِمِين أوْ لمُعَاهدين، فَالكَافرُ المُعَاهدُ لهُ ما للمُسْلم، وعَلَيْه ما عَلَى المُسْلم، قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» ([1])، وقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنۡ أَحَدٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥ﴾ [التَّوبة: 6] وإِذَا خاف المُسْلمُون من المُعَاهدين خيانةً للعهد، لم يَجُز لهُمْ أن يُقَاتلُوهُم حتَّى يُعْلمُوهُم بإِنْهَاء العهد الَّذي بَيْنهُم، ولا يُفَاجئُوهُم القتال بدُون إعْلاَمٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡخَآئِنِينَ﴾ [الأنفال: 58].
الصفحة 1 / 325