ما الإنسانُ وما
حُقُوقهُ؟
تَظْهرُ بَيْن كُلِّ آونةٍ وأُخْرى ندَاءاتٌ بحُقُوق الإنْسَان، ومُطَالبة
بها مِنْ دُوَلٍ لا تحكُمُ بشَرْع اللَّه الَّذي خَلَق الإنسانَ، وجَعَل لهُ
حُقُوقًا، وأَوْجَب عَلَيْه حُقُوقًا، وَشَرع عُقُوباتٍ رَادعةً يجبُ تَطْبيقُها
عَلَيْه إِذَا هُو أَخلَّ بأدَاء ما عَلَيْه منَ الحُقُوق، أو تَعدَّى عَلَى
حُقُوق غَيْره؛ لأنَّ الواجبَ عَلَى هَذَا الإنسان الَّذي خَلَقهُ اللَّهُ
وكَرَّمه وفَضَّله عَلَى غَيْره أداءُ تِلْكَ الحُقُوق كاملةً، وَاحْتِرَام حُقُوق
غَيْره من بَني جنسِهِ، إنَّ اللَّهَ خَلقَ هَذَا الإنْسَانَ، وأَنْعَم عَلَيْه،
وأَوْجَب عَلَيْه حُقُوقًا كثيرةً، وَهيَ: حقُّ اللَّه سُبْحانهُ بعبادتِهِ وَحْده
لا شريكَ لَهُ، وحقُّ رَسُوله صلى الله عليه وسلم بطاعتِهِ واتِّباعِهِ
ومحبَّتِهِ، وحقُّ الوَالدَين بالبِرِّ بهما، والإحْسَان إلَيْهما، وحقُّ الأقَارب
بصِلَتِهِم والإحسان إلَيْهم، وحقُّ اليَتَامى بالإحسان إلَيْهم وتَرْبيتهم عَلَى
الخَير، وحِفْظ أمْوَالهم، وَحقُّ المَسَاكين بدَفْع زَكَاة مالِهِ إلَيْهم لمُوَاساتهم،
وحقُّ الجيرَان بالإحْسَان إلَيْهم، وكَفِّ الأذى عنهُمْ، وحقُّ الصديق والصَّاحب
فِي السَّفر، وحقُّ ابْن السَّبيل، وَهُو المُسافرُ المُنقطعُ الَّذي لَيْسَ مَعهُ
ما يبلغُهُ فِي سَفَره، وحقُّ المَمَاليك بالإنفاق عَلَيْهم، وَعَدم تَكْليفهم من
الأَعْمَال ما يشُقُّ عَلَيْهم، فهَذِهِ هي الحُقُوقُ العشرةُ المنصُوصُ عَلَيْها
فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿۞وَٱعۡبُدُواْ
ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا وَبِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡجَارِ ذِي
ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡجَارِ ٱلۡجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلۡجَنۢبِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ
وَمَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخۡتَالٗا فَخُورًا﴾ [النِّساء: 36].
الصفحة 1 / 325