×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

 1- تجوِيزُه خُلُوِّ التَّكَالِيفِ وَالشَّعَائِرِ الدِّينِيَّةِ وَالحَلاَلِ وَالحَرَامِ مِنَ الحِكْمَةِ وَالعِلَلِ المَعْقُولَةِ.

قَالَ فِي صَفْحَة (21) مَا نَصُّهُ: «مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَخَالِقٍ لِلنَّاسِ، مُنْعِمٍ عَلَيْهِمْ بِنِعَمٍ لاَ تُحْصَى، أَنْ يُحِلَّ لَهُمْ، وَأَنْ يُحَرِّمَ عَلَيْهِمْ مَا يَشَاءُ، كَمَا لَهُ أَنْ يتَعبدَهُم مِنَ التَّكَالِيفِ وَالشَّعَائِرِ بِمَا يَشَاءُ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْتَرِضُوا أَوْ يَعْصُوا، فَهَذَا حَقُّ رُبُوبِيَّتِهِ لَهُمْ وَمُقْتَضَى عُبُودِيَّتِهِمْ لَهُ. وَلَكِنَّهُ تَعَالَى رَحْمَةً مِنْهُ بِعِبَادِهِ جَعَلَ التَّحْلِيلَ وَالتَّحْرِيمَ لِعِلَلٍ مَعْقُولَةٍ..». إِلَى آخِرِ مَا قَالَ.

وَوَجْهُ الخطأ فِي هَذَا الكَلاَمِ: أَنَّ المُؤَلِّفَ جَوَّزَ أَنْ يُشَرِّعَ اللَّهُ لِعِبَادِهِ، وَأَنْ يُكَلِّفَهُمْ لاَ لِحِكْمَةٍ فِي ذَلِكَ، بَل لِمُجَرَّدِ رُبُوبِيَّتِهِ لَهُمْ وَعُبُودِيَّتِهِمْ لَهُ. وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لأَِنَّهُ يَلزَمُ عَلَيْهِ تجوِيز خُلُوِّ شَرْعِ اللَّهِ مِنَ الحِكْمَةِ، وَأَنْ يَأْمُرَ وَيَنْهَى لاَ لِحِكْمَةٍ، وَهُوَ مِنْ تجوِيز العَبَثِ عَلَى اللَّهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ!

وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ أَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى يُحَلِّلُ وَيُحَرِّمُ، وَيَأْمُرُ وَيَنْهَى لِحِكْمَةٍ يَعْلَمُهَا هُوَ، وَقَدْ يُبَيِّنُ لِخَلقِهِ تِلكَ الحِكْمَة، أَوْ هُم يُدْرِكُونَهَا بِتَأَمُّلِهِمْ فِي أَحْكَامِهِ الَّتِي شَرَعَهَا لَهُمْ، وَقَدْ تَخْفَى عَلَيْهِمْ تِلكَ الحِكْمَةُ، أَوْ تَخْفَى عَلَى بَعْضِهِمْ.

فَقَوْلُهُ: «لِعِلَلٍ مَعْقُولَةٍ»؛ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، لأَِنَّ العِلَّةَ قَدْ لاَ يُدْرِكُهَا العَقْلُ.

2- مُوَادَّة غَيْرِ المُسْلِمِينَ.

قَالَ المُؤَلِّفُ فِي صَفْحَة (47): «وَقَدْ شُرِعَتْ لَنَا مُوَادَّتُهم - أَي: أَهْلُ الكِتَابِ؛ بَمُؤَاكَلتِهِم وَمُعَاهَدَتِهِمْ وَحُسْنِ مُعَاشَرَتِهِمْ».

وَفِي صَفْحَةِ (247) أَوْرَدَ المُؤَلِّفُ تَسَاؤُلاً فَقَالَ: «كَيْفَ يَتَحَقَّقُ البِرُّ وَالمَوَدَّةُ وَحُسْنُ العِشْرَةِ مَعَ غَيْرِ المُسْلِمِينَ، وَالقُرْآنُ نَفْسُهُ يَنْهَى عَنْ مُوَادَّة الكُفَّارِ وَاتِّخَاذِهِمْ أوليَاء وَحُلَفَاء؟ ثُمَّ أَجَابَ عَنْ هَذَا التَّسَاؤُلِ بِأَنَّ هَذِهِ


الشرح