استقدامُ العُمَّال وسبيلاته
الحمدُ للَّه وَحْده وبَعْد: فيجبُ التَّقيُّدُ
بالنِّظام الَّذي وَضَعهُ أُولِي الأَمْر للاستقدام؛ لأنَّهُ فِي صَالح
المُسْلِمِين، ولقَوْله تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ
ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ﴾ [النِّساء: 59]، ولقَوْل النَّبيِّ صلى الله عليه
وسلم: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» ([1])، وبناءً عَلَى ذَلِكَ فإنَّ الَّذي يُخالفُ هَذَا النِّظامَ، قَدْ عَصَى
هَذِهِ الأوامرَ الشَّرعيَّة، واستحقَّ العُقُوبة المُناسبَة الَّتي يَرَاها وليُّ
الأمر كَفيلةً بجَلْب المَصْلحة، ودَرْء المَفْسدة، مِنْ ذَلِكَ الأَحْوَالُ المَذْكُورة:
1- الَّذي يُؤْوي أو يَسْتخدمُ مَن انْتهَتْ تأشيرتُهُ؛ لأنَّ هَذَا العملَ
فيه إعانةٌ لهَذَا العامل عَلَى مُخَالفة النِّظام، والبَقَاء فِي البلاَد بغير
حقٍّ، وقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ﴾ [المائدة: 2]، ولمَا فِي
ذَلِكَ من أَكْل المَال بالبَاطل؛ لأنَّ ما يأخُذُهُ من هَذَا العامل فِي مُقَابل
التَّستُّر عَلَيْه حَرامٌ.
2- الَّذي يَسْتخدمُ مُقيمًا نظاميًّا عَلَى كفَالَة غيره؛ حيثُ لا يجُوزُ للإنسان أن يَسْتقدم عُمَّالاً هُو لَيْسَ بحَاجَةٍ إلَيْهم، وإنَّما يترُكُهُم يَعْملُون عند غَيْره؛ لأنَّهُ إنَّما سمحَ لهُ باستقدام العُمَّال بقَدْر حَاجَته بحيثُ يَعْملُون عندهُ، فإِذَا لَمْ يكُن عندهُ عملٌ، لم يَجُز لهُ استقدامُ العُمَّال؛ لمَا فِي ذَلِكَ من المَفَاسد الَّتي تنجُمُ عن كَثْرة الأَجَانب فِي البلد، والجَرَائم الَّتي تحصُلُ من بَعْضهم.
الصفحة 1 / 325