×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

قضيَّةُ التَّكفيرِ والخلطِ فيها

الحمدُ للَّه، والصَّلاة والسَّلام على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه، ومنِ اهتدَى بهداه. أمَّا بعدُ:

فإنَّ قضيَّة التَّكفيرِ وما دار فيها هَذِهِ الأيَّام من أخذٍ وردٍّ وهي مزلَّة أقدام، ومضلَّةٍ أفهامٍ، وقد حصلَ فيها الخلطُ واللَّبسُ من قديمٍ بين مفرِّطٍ ومفرَّطٍ، بين غالٍ وجافٍ من أصحاب الأفكارِ المنحرفةِ البعيدةِ عن فهْمِ الكتابِ والسُّنَّةِ. فأهلُ الإفراطِ والغلوِّ من الخوارجِ ومَن سَارَ في ركابهم من المُعاصِرين عن قصدٍ أو عن جهلٍ، يرون أنَّ مرتكبَ الكبيرةِ الَّتي هي دونَ الشِّركِ والكُفْرِ يكفر بها الكفر المخرج عنِ الملَّة، بناءً على أخذهم بنصوصِ الوعيدِ وتركِهم لنُصوصِ الوعدِ.

وبناءً على أنَّ الإيمانَ عندهم لا يتجزَّأ إِلَى إيمانٍ كاملٍ وإيمانٍ ناقصٍ فإذا زالَ بعضُه زال كلُّه عندهم، وقد سار على هَذَا الخطِّ خوارجُ اليومِ من حُدَثَاءِ الأسنانِ وسُفَهاءِ الأحلامِ الَّذين يُكَفِّرُونَ بلا ضَوابط شرعيَّة؛ والمعتزلة قالوا: مُرتكِبُ الكبيرةِ الَّتي هي دون الشِّركِ والكُفْرِ يُخرِجُ من الإيمانِ ولا يدخلُ في الكفرِ فهو في منزلةٍ بين المنزلتين، ليسَ بمؤمنٍ ولا كافرٍ. معتمدين في ذلك على نصوصِ الوعيدِ وتركِ نصوصِ الوَعْدِ، شَأنهم في ذلك شأن الخوارجِ، وقابل الفَريقين فريق المُرجِئة على اختلافِ فِرَقِهِم فقالوا: من دَخَلَ في الإسلامِ فإنَّه لا يَكْفُرُ بأيِّ فِعلٍ فعلَهُ، وأيِّ واجبٍ ترَكَهُ. بناءً على أنَّ الأعمالَ لا تدخُلُ عندَهم في مسمَّى الإيمانِ، واعتمادًا منهم على نصوصِ الوعدِ وترك نصوصِ الوعيدِ عكس ما عليه الخوارجُ والمعتزلةُ. وقالوا: الإيمانُ في القلبِ وهو شيءٌ واحدٌ لا يزيد


الشرح