التَّعقيب يجبُ أن
يكُون بعد التَّروِّي وفهم الكلام
الحَمْدُ للَّه وبَعْد:
فقَدْ رأيتُ تعقيبًا للأخ: عَبْد اللَّه فرَّاج الشَّريف عَلَى مَقَالتي
المَنْشُورة فِي جَريدة الوَطن بعُنْوان: الفَتْوى وآدَابها، وكُنتُ أودُّ لَوْ
كَانَ هَذَا التَّعقيبُ مُفيدًا لأَسْتفيدَ منهُ، ويَسْتفيد منهُ غَيْري، وَلكنِّي
وَجدتُهُ دفاعًا عَمَّن يَتَصدَّرُون للفَتْوى وهُمْ لا يُحْسنُونها، أَوْ
يُفْتونَ بحَسَب أهْوَائهم طلبًا للشُّهرة، أو لقَصْد التَّضليل، ويقُولُ: لا
يَنْبغي أن نغضبَ عَلَى مَنْ أَشَاد بهَؤُلاَء، وَمَنَحهُمْ لقبَ الإمَامَة،
ولَقبَ الاجْتهَاد.
وأقُولُ: إنْ لَمْ نغضب لدين اللَّه،
وانْتهَاك حُرُماته، فَعَلى ماذا نَغْضبُ؟!
ثُمَّ قَالَ - هداهُ اللَّهُ - مُؤكِّدًا دِفَاعَهُ عن هَؤُلاَء: فَمَا
الَّذي يغضبُهُ - يَقْصدُني - أنْ نقُولَ: إنَّ الإشادةَ بفضلِهِ وعلمِهِ وجهادِهِ
حين الرَّدِّ عَلَيْه إنصافًا لهُ، وعدلاً.
وأقُولُ: يا سُبْحان اللَّه! هل
نُشِيدُ ونُفضِّلُ مَنْ تجرَّأ عَلَى الفتوى بغير عِلْمٍ، أَوْ بِهوًى، ونُشجِّعهُ
عَلَى فعلِهِ، مَنْ يقُولُ هَذَا؟!
ثُمَّ يَتَجرَّأُ الكَاتبُ - هَداهُ اللَّهُ - ويُلْغي شُرُوطَ الاجتهاد
وَيقُولُ: إنَّ شُرُوط الاجْتهَاد لَيْست مُلْزمةً، بل يقُولُ بَعْضُنا: إنَّها
شُرُوطٌ ما أنزلَ اللَّهُ بها من سُلْطانٍ، وهُو وإنْ كَانَ ينسبُ هَذَا القولَ
لغَيْره، فَهُو ساقَهُ مَساقَ المقرِّ لهُ، وإلاَّ فلمَاذا يسُوقُهُ.
ثُمَّ قَالَ هَداهُ اللَّهُ: وعُلَماؤُنا مثل
بقيَّة عُلَماء المُسْلِمِين فِي هَذَا العصر، وَلَكن ذَلِكَ لا يَدْفعُنا إِلَى
انْتقَاص غَيْرهم من عُلَماء المُسْلِمِين حفاظًا عَلَى وَحْدة صفِّ الأُمَّة.
الصفحة 1 / 325