الوهَّابيَّة وما يُرادُ بها
الحمدُ للَّه، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى نبيِّنا مُحمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ
وصحبِهِ أجمعين، وبَعْد:
فَمِنَ المَعْلُوم عند القَاصي والدَّاني ما مَنَّ اللَّه به عَلَى هَذِهِ
البلاد خُصُوصًا، وَعَلَى المُسْلِمِين عُمُومًا من ظُهُور دَعْوة الشَّيخ مُحمَّد
بْن عَبْد الوهَّاب رحمه الله بمُؤازرة آل سُعُودٍ - حَفِظهُم اللَّه - والَّتي
أَعَاد اللَّهُ بها إِلَى العَقيدة صَفاءَها وخُلُوصها من الشِّرْك، وإلَى الدِّين
قُوَّتهُ وخُلُوَّهُ من البدَع، وإلَى الشَّريعة حَاكميَّتها بَيْن النَّاس،
ومنابذتها لأَحْكَام الجاهليَّة، فقرَّت بذَلِكَ أَعْيُن المُؤمنين، وَعَاشت هَذِهِ
البلادُ - وللَّه الحمدُ - فِي أَمْنٍ واستقرارٍ، وازْدَهرت فيها حركةٌ علميَّةٌ
مُباركةٌ مُستمدَّةٌ من كتاب اللَّه وسُنَّة رسُوله صلى الله عليه وسلم، ولكن
هَذَا غَاظَ ويغيظُ أعداءَ الدِّين من الكُفَّار والمُنَافقين، وأعْدَاء السُّنَّة
من المُبْتدعة والخُرافيِّين، فما زالُوا يَكيدُون لهَذِهِ الدَّعوة صُنُوف
الكَيْد وَالحِيَلِ لصَدِّها، والقَضَاء عَلَيْها، تارةً بالسِّلاح والحَرْب،
وتارةً بالتَّشويه والدَّسِّ والكَذب، وَلاَ يَزيدُ هَذَا هَذِهِ الدَّعوة إلاَّ
قُوَّةً وتألُّقًا وثباتًا ووُضُوحًا وامتدادًا وانتشارًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يُطۡفُِٔواْ
نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَيَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ
وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ﴾ [التوبة: 32].
ومن جُمْلة ما يَكيدُون به لهَذِهِ الدَّعوة المُبَاركة: أنَّهُم يقُولُون: إنَّها مذهبٌ خامسٌ، وإنَّها عَلَى مَنْهج الخَوَارج، ولذَلِكَ سمَّوها
بالوهَّابيَّة نسبةً إِلَى الشَّيخ مُحمَّد بْن عَبْد الوهَّاب الَّذي قام بها،
يُريدُون بذَلِكَ التَّلبيسَ عَلَى النَّاس أنَّ هَذِهِ الدَّعوةَ مَذْهبٌ
مُستقلٌّ خارجٌ عن المَذَاهب الأَرْبَعة، ومَنْهجٌ مُخالفٌ لمَنْهج السَّلف
المبنيِّ عَلَى الكتَاب والسُّنَّة، وما عَلَيْه سَلفُ الأُمَّة، وفي وَقْتنا
الرَّاهن وَصَفُوها بأنَّها دَعْوةٌ إرهابيَّةٌ،
الصفحة 1 / 325