تعقيبٌ على ما كتبهُ الدُّكتُور عُمَر كامل فِي الرَّدِّ عَلَى الحصين
والفوزان فِي مَوْضُوع إحياء الآثَار فِي الرِّسالة مُلْحق جَريدة المدينة
الحَمْدُ للَّه ربِّ العَالَمين، والصَّلاة والسَّلام عَلَى نبيِّنا
مُحمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وأصحابِهِ ومَن اهْتَدى بهُدَاهُ، وَتَمسَّك بسُنَّته
وَسَار عَلَى نَهْجه إِلَى يوم الدِّين، وبعد:
فَقد اطَّلعتُ كَمَا اطَّلع غيري عَلَى ما كَتبهُ الدُّكتُور: عُمر كَامل
فِي مَوْضُوع إِحْياء الآثَار، ولَيْتهُ صَرَفَ مَجْهُودَهُ فِي إحْيَاء السُّنن
النَّبويَّة حتَّى يَكُونَ لهُ أجرٌ، ويَكُون لعملِهِ فائدةٌ، ونرجُو أنْ
يُوفِّقهُ اللَّهُ لذَلِكَ مُستقبلاً، فإنَّ الإنْسَان مسئول عمَّا يقُولُ
ويكتُبُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ﴾ [ق: 18].
إنَّ الأُمَّة لَيْست بحاجةٍ إِلَى إحْيَاء الآثَار التُّرابيَّة، وإنَّما
هي بحاجةٍ إِلَى إحْيَاء السُّنَّة النَّبويَّة، واقتصادٌ فِي سُنَّةٍ خيرٌ من
اجْتهَادٍ فِي بِدْعةٍ، وإنَّ مَنْ تَأمَّل فيما يكتُبُهُ الدُّكتُور يَجدهُ يجري
فَرَسهُ فِي غير مَيْدانٍ، ويُتْعب القارئ فِي غَيْر فَائدةٍ، ومنَ العَجيب
استغلالهُ النُّصُوص فِي غير مَدْلُولها، وَلَيُّ أعْنَاقها فِي غير اتِّجاهها،
ومن ذَلِكَ استدلالُهُ فِي ردِّه عَلَى الشَّيخ سَعْد الحُصَين عَلَى مشرُوعيَّة
إحْيَاء الآثَار، بما كَانَ يفعلُهُ الصَّحابةُ، من التَّبرُّك بما انْفَصلُ من
جَسَد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من شَعَرٍ وَرِيقٍ وثيابٍ وعَرَقٍ، لما
لذَلِكَ من الخُصُوصيَّة الَّتي لا تُوجدُ فِي غَيْره من الآثَار التُّرابيَّة،
بدَليل أنَّ الصَّحابةَ ما كانُوا يَتَبرَّكُون فِي المَوَاضع الَّتي يُريدُ
الدُّكتُور إحْياءَها، والاحْتفَاظَ بها؛ لأنَّها لا تُوجدُ فيها
الصفحة 1 / 325