الدَّعوةُ إِلَى
اللَّه حقيقتها وشُرُوطها
الحَمْدُ للَّه الَّذي أرسلَ رسُولَهُ بالهُدَى وَدين الحقِّ، وأَمَرَهُ
بقولِهِ: ﴿ٱدۡعُ
إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ﴾ [النَّحل: 125]، وَصلَّى اللَّهُ وسلَّم عَلَى نَبيِّنا مُحمَّدٍ خير مَنْ
دَعا إِلَى اللَّه عَلَى بَصِيرةٍ، وَعَلَى آلِهِ وأَصْحَابه، وكُلِّ مَنْ سارَ
عَلَى نَهْجه فِي الدَّعوة والقَوْل والعَمل، أمَّا بَعْدُ:
فَإنَّ الدَّعوة إِلَى اللَّه سبحانه وتعالى هي الدَّعوةُ إِلَى دينِهِ
وشرعِهِ، والنَّهي عمَّا خالف ذَلِكَ فِي الاعْتقَاد والقَوْل والعَمَل
والسُّلُوك، والغَرضُ منها إخْرَاجُ النَّاس من الظُّلُمات إِلَى النُّور،
وَهدَاية الخَلْق، وإظْهَار الحقِّ، وقَدْ مَدَح اللَّهُ بها هَذِهِ الأُمَّة،
كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿كُنتُمۡ
خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ
عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ﴾ [آل عمران: 110]، فالأمرُ بالمَعْرُوف، والنَّهي
عن المُنْكر دعوةٌ إِلَى اللَّه سبحانه وتعالى، وقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ
يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ
ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [آل عمران: 104].
وَالدَّعْوةُ إِلَى اللَّه هيَ وَظيفةُ الرُّسُل عَلَيْهم الصَّلاة
والسَّلام، فإنَّهُم جميعًا يَدْعُون إِلَى اللَّه عز وجل خُصُوصًا إمَامهم
وَخَاتمهُم نَبينا مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، فقد قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى
لهُ: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ
أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ
ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾ [يوسف: 108]، بَلْ إنَّهُ سُبْحَانهُ أخْبَر عن نفسِهِ أنَّهُ يَدْعُو
عبادَهُ إِلَى صَلاَحهم وفَلاَحهم وإلَى جنَّته، فَقَالَ سُبْحانهُ: ﴿وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ
إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَٰمِ وَيَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ﴾ [يُونس: 25].
﴿يَدۡعُوكُمۡ لِيَغۡفِرَ
لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرَكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ﴾ [إبراهيم: 10]. ﴿وَٱللَّهُ
يَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ وَٱلۡمَغۡفِرَةِ بِإِذۡنِهِۦۖ﴾ [البقرة: 221].
الصفحة 1 / 325