ومَعْنى دَعْوة اللَّه سُبحانَهُ لعبادِهِ: أنَّهُ يطلُبُ منهُم الدُّخُول فِي دينِهِ وطاعتِهِ لأجل صَلاَحهم
وفَلاَحهم ونَجَاتهم فِي الدُّنيا والآخرةِ، وإِذَا تأمَّلت أَوَامرَ اللَّه
ونَوَاهيه فِي القُرآن، وجدتها كُلَّها تَحْملُ هَذَا المَعْنى العظيم، فاللَّهُ
ورسُولُهُ وعبادُهُ المُؤمنُون يَدْعُون إِلَى كُلِّ صَلاحٍ وَفَلاحٍ وَسَعادةٍ
فِي الدُّنيا والآخِرَةِ، وأعداءُ اللَّه - وَفِي مُقدِّمتهم الشَّيطان - يَدْعُون
إِلَى النَّار، وإلَى كُلِّ شَقَاءٍ وَهَلاَكٍ فِي الدُّنيا والآخرَة، قَالَ
تَعَالَى: ﴿إِنَّ
ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ
حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ﴾ [فاطر: 6].
وَقَالَ فِي الكُفَّار: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ﴾ [البقرة: 221]، ﴿وَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَئِمَّةٗ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلنَّارِۖ﴾ [القصص: 41].
وَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي هَؤُلاَء: «دُعَاةٌ عَلَى
أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَن أَطَاعَهُم قَذَفُوهُ فِيهَا» ([1])، فالحذرَ الحذرَ من مِثْلِ هَؤُلاَء الدُّعاة المُضلِّين! ولنَرْجع إِلَى
دُعَاة الحقِّ، وَسَبيل النَّجاة، فالدَّعوةُ إِلَى اللَّه سُبحانهُ لهَا
مُقوِّماتٌ تقُومُ عَلَيْها ذَكَرها اللَّهُ فِي كتابِهِ، وبَيَّنها رسُولُ اللَّه
صلى الله عليه وسلم فِي سيرتِهِ وسُنَّته، وَسَار عَلَى ذَلِكَ أتباعُهُ من
عُلَماء أُمَّته.
وَأَهمُّ مُقوِّمات وشُرُوط هَذِهِ الدَّعوة ما يلي:
1- أَنْ يَكُون الدَّاعية عَلَى عِلْمٍ بما يَدعُو إلَيْه، فإِذَا دعا إِلَى الإِسْلاَم، فَلْيكُن عَلَى مَعْرفةٍ تَامَّةٍ بالإِسْلاَم حتَّى يُوضِّحهُ للنَّاس، وإلاَّ كيفَ يَدْعُو إِلَى شيءٍ وهُوَ يجهلُهُ، ولا يكفي مَدْحُ الإِسْلاَم والتَّرغيب فيه من غَيْر مَعْرفةٍ لحقيقتِهِ، قَالَ تَعَالَى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ﴾ [يوسف: 108]، والبَصيرةُ هِيَ العِلْمُ والمَعْرفةُ التَّامَّةُ
([1])أخرجه: البخاري رقم (3606)، ومسلم رقم (1847).