زعْمُ المؤلِّفِ
أنَّ العلماءَ ما حرَّمُوا الغناءَ إلاَّ لاقْتِرَانِه بمحرَّماتٍ والجوابُ عنه
ثمَّ قالَ المؤلِّفُ: «وقدِ اقترن
الغِنَاءُ والمُوسيقى بالتَّرفِ ومجالِسِ الخمرِ والسَّهرِ الحرامِ ممَّا جعلَ
كثيرًا من العلماءِ يُحرِّمُونَه أو يَكْرَهُونه»، إلى آخِرِ ما قال.
وجوابُنَا عن ذلكَ
أن نقولَ: ليسَ تحريمُ العلماءِ للغناءِ من أجْلِ اقْتِرَانِه بهذه الأشياءِ فقط، بل
إنَّ تَحرِيمَهُم له من أجلِ الأدلَّة على تحريمِه في نَفْسِه، ولو لم يقْتَرِنْ
بهذه الأشياءِ الَّتي ذكرتها، فهذا الَّذي قالَهُ المؤلِّفُ ادِّعاءً منه على
العلماءِ أنَّهم ما حرَّمُوه إلاَّ من أجلِ ذلك، وهو ادِّعاءٌ مردودٌ.
ثمَّ قالَ
المؤلِّفُ: ومن المتَّفقِ عليه أنَّ الغناءَ يحرمُ إذا اقترَنَ بمحرَّماتٍ أُخْرَى
كأنْ يكونَ في مجلسِ شَرَابٍ أو تُخَالِطُه خلاعةٌ أو فجورٌ، فهذا هو الَّذي أنذرَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أهلَهُ وسامِعِيهِ بالعذابِ الشَّديدِ حِينَ
قال: «لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ
اسْمِهَا، يُعْزَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ، وَالْمُغَنِّيَاتِ،
يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمُ الأَْرْضَ، وَيَجْعَلُ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ
وَالْخَنَازِيرَ» ([1]).
والجوابُ عن هذه الجملةِ كالجوابِ عنِ الجملةِ الَّتي قبلها: إنَّ الغناءَ حرامٌ ولو لم يقترن به مُحرَّمٌ آخَرٌ، كما أنَّ شُربَ الخَمرِ المَذْكُورَ في الحديثِ الَّذي ساقَهُ المؤلِّف حرَامٌ ولو لم يكن مَعَه غناءٌ، قال العلاَّمةُ الشَّوكانِيُّ في «نيل الأوطار» (107/8) مُجِيبًا عن هذه الدَّعوى
الصفحة 1 / 325