حُكم التَّصفيق
للرِّجال
الحَمْدُ للَّهِ ربِّ العَالَمين، وَالصَّلاة والسَّلام عَلَى نبيِّنا
مُحمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وأصحابِهِ، وَمَن اهْتدَى بهُدَاهُ، وبَعْد:
فَقَد كثُرَ السُّؤالُ عن حُكْم التَّصفيق للرِّجال؛ لأنَّهُ عادةٌ وَافدةٌ
إِلَى مُجْتمعنا، وَغَريبةٌ عَلَينا لَمْ تكُنْ معرُوفةً فينا، وكَانَ من
عُلَمائنا مَنْ يُحرِّمُهُ، ومنهُم مَنْ يُجيزُهُ، أوْ يَتوقَّفُ فيه، فَكثُرَ
السُّؤالُ عنهُ لمَعْرفة الصَّحيح فِي حُكمِهِ.
والجَوابُ عَنْ ذَلِكَ وعن غَيْره ممَّا أُشْكل؛ أنَّهُ يُعْرضُ عَلَى الكتَاب والسُّنَّة، ويأخُذُ حُكْمهُ مِنْهُما،
كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِن
تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ
بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النِّساء: 59].
وإِذَا رَجَعنا إِلَى كتاب اللَّه، وَجَدْناهُ ذكرَ أنَّ التَّصفيقَ من عادَة الكُفَّار فِي الجَاهليَّة، وقد نُهِينَا عن التَّشبُّه بالكُفَّار، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» ([1])، وقَدْ قَالَ تَعَالَى عن الكُفَّار: ﴿وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمۡ عِندَ ٱلۡبَيۡتِ إِلَّا مُكَآءٗ وَتَصۡدِيَةٗۚ﴾ [الأنفال: 35] أيْ: ما كانَتْ صَلاةُ كُفَّار قُرَيش عند الكَعْبة إلاَّ صَفيرًا وتَصْفيقًا كَمَا بَيَّن ذَلِكَ أَهْلُ التَّفسير، وَكَما أنَّ تَصْفيقَ الرِّجال فيه تَشبُّهٌ بالكُفَّار المَاضين والمُعَاصرين فِي مَحَافلهم وتَجَمُّعاتهم، فَفِيهِ أيضًا تَشَبُّهٌ بالنِّساء، فقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي صَلاَتِكُمْ، فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ، وَلْتُصَفِّقِ النِّسَاءُ» ([2])،
الصفحة 1 / 325