اعتراضُ المؤلِّفُ
على أدلَّةِ تحريمِ الغناءِ
والجوابُ عنه
يُلاحَظُ على
المؤلِّفِ في هذا الموضوعِ قولَه عن أدلَّةِ تَحريمِ الغناءِ:
«وأمَّا ما وردَ فيه
يعني: في تحريمِه من أحاديثَ نبويَّةٍ فكلُّها مُثْخنةٌ بالجراحِ، لم يَسلَمْ منها
حديثٌ من طَعنٍ عند فُقَهاءِ الحديثِ وعُلَمَائِه».
ونجيبُ عن قولِهِ
هذا من عدَّة وجوهٍ:
الوجْهُ الأوَّلُ:
أن نقولَ: أدلَّة تَحريمِ الغناءِ ليست مقصورةً على الأحاديثِ فقط، بل هناك أدلَّةٌ
على تَحرِيمِه من القرآنِ الكريمِ، منها قولُهُ تعَالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡتَرِي لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ﴾ الآية [لقمان: 6]،
وقد تقدَّم الكلامُ عليها. ومنها قولُهُ تعالى:﴿وَٱسۡتَفۡزِزۡ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتَ مِنۡهُم بِصَوۡتِكَ﴾ [الإسراء: 64]
الآية، عن مجاهدٍ قال: «استزِلَّ منهم مَنِ استطعتَ». قال: «وصَوتُه الغناءُ
والباطلُ».
قال ابنُ القيِّمِ
في «إغاثة اللَّهفان»: «وهذه الإضافَةُ إضافةُ تَخْصيصٍ كما أنَّ إضافَةَ الخيلِ
والرَّجلِ إليه كذلك. فكلُّ متكلِّمٌ في غير طاعةِ اللَّهِ، أو مصوِّتٌ بيراع، أو
مزمارٍ، أو دُفٍّ حرامٍ، أو طَبلٌ فذلك صوتٌ الشَّيطانِ. وكلُّ ساعٍ في معصيةِ
اللَّهِ على قدمَيْهِ فهو من رجلِه. وكلُّ راكبٍ في معصيةِ اللَّهِ فهو من
خيَّالتِه، كذلك قال السَّلفُ، كما ذكرَ ابنُ أبي حاتمٍ عنِ ابنِ عبَّاس قال: رجله
كلُّ رجلٍ مشَتْ في معصيةِ اللَّهِ». ا هـ.
ومنها قولُهُ تعالى:
﴿أَفَمِنۡ هَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ
تَعۡجَبُونَ ٥٩ وَتَضۡحَكُونَ وَلَا تَبۡكُونَ ٦٠ وَأَنتُمۡ سَٰمِدُونَ﴾ [النَّجم: 59- 61]، وقال عكرمَةُ عنِ ابن عبَّاس:
«السُّمودُ الغناءُ
الصفحة 1 / 325