سؤال وجوابه
سائلٌ يقُولُ: إنَّ بعضَ البُنُوك يَبيعُ عَلَى الزَّبائن سلعًا خَارج
البلاَد بثمنٍ مُؤجَّلٍ عَلَى أقساطٍ، ثُمَّ يقُولُ البنكُ للمُشْتري: وَكِّلْنا
فِي بَيْع سلعتك الَّتي اشْتَريتَها منَّا، وبعد ذَلِكَ يَدْفعُون لهُ دراهمَ
يقُولُون: هَذِهِ ثمن سِلْعَتك الَّتي بعناها لَكَ فما الحكم؟
الجوابُ: هَذَا البيعُ غيرُ صَحِيحٍ من عدَّة وُجُوهٍ:
الوَجْهُ الأوَّلُ: أنَّهُ إنْ كانت السِّلعةُ
المذكُورةُ مُعيَّنةً، فإنَّ المُشتري لَمْ يسبق لهُ أنْ رآها، فتكُونُ مجهُولةً
لهُ، وبَيْعُ المجهُول لا يصحُّ، وإنْ زَعمُوا أنَّهُ يَرَاها من خلاَل الشَّاشة،
فَإنَّ هَذِهِ الرُّؤية مَحلُّ شكٍّ، فقد تكُونُ من بَاب التَّمثيل الَّذي لا
حَقيقةَ لهُ لأَجْل الاحتيال.
الوَجْهُ الثَّانِي: إنْ كانت السِّلعةُ غَيْر
مُعيَّنةٍ، وإنَّما هيَ مَعْلُومةٌ بالوَصْف الَّذي يَكْفي فِي السَّلم، فإنَّهُ
يشترطُ فِي هَذَا البيع تَسْليمُ كَامِلِ ثَمنها فِي مجلس العقد؛ لئلاَّ تكُون
بَيْعَ دَيْنٍ بدَيْن المَنْهي عنهُ كَمَا نصَّ عَلَى ذَلِكَ الفُقهاء، وهَذَا لم
يَحْصُل.
الوَجْهُ الثَّالثُ: أنَّهُ لا يصحُّ تَصرُّفُ المُشْتري فِي السِّلعة المُشْتراة حتَّى يَقْبضها، وذَلِكَ بنَقْلها من مَحلِّ البَائع إِلَى محلِّ المُشْتري؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْع السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ، حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ حديثٌ صحيحٌ ([1]). والمُشْتري هُنَا لم يقبض السِّلعة، ولا يَكْفي عن القبض تَوْكيل البنك ولا غَيْره، وإنَّما يجُوزُ التَّوكيلُ فِي بيع السِّلعة بعد قَبْضها بحَوْزها إِلَى محلِّ المُشْتري.