حكم الانتخابات
والمظاهرات
الحَمْدُ للَّه ربِّ العَالَمين، والصَّلاة والسَّلام عَلَى نَبيِّنا
مُحمَّدٍ وآلِهِ وأصحابِهِ أجْمَعين، وبَعْد:
فقَدْ كَثُر السُّؤالُ عن حُكْم الانْتخَابات والمُظَاهرات بحُكْم أنَّهُما
أمرٌ مُسْتجدٌّ ومُسْتجلبٌ من غَيْر المُسْلِمِين، فأقُولُ وَباللَّه تَعَالَى
التَّوفيقُ:
1- أمَّا الانْتخابَاتُ فَفيها تَفْصيلٌ عَلَى النَّحو التَّالي:
أَوَّلاً: إِذَا احْتَاج المُسْلمُون إِلَى انْتخَاب الإمَام الأعْظَم،
فَإنَّ ذَلِكَ مَشرُوعٌ بشَرْط أنْ يقُومَ بذَلكَ أَهْلُ الحَلِّ والعَقْد فِي
الأُمَّة، وَالبقيَّة يكُونُون تَبعًا لهُمْ، كَمَا حَصَل من الصَّحَابة حينَما
انتخبَ أَهْلُ الحَلِّ والعَقْد منهُم أبَا بكرٍ الصِّدِّيق رضي الله عنه،
وَبايعُوهُ، فَلَزمت بيعتُهُ جَميعَ الأُمَّة، وكَمَا وَكَّل عُمرُ بْن الخَطَّاب
رضي الله عنه اخْتيَار الإمَام مِنْ بَعْده إِلَى السِّتَّة البَاقين من العَشَرة
المُبشَّرين بالجنَّة، فَاخْتَارُوا عُثْمان بْن عفَّان رضي الله عنه،
وَبَايعُوهُ، فَلَزمت بيعتُهُ جَميعَ الأُمَّة.
ثانيًا: الولاَياتُ الَّتي هيَ دُون الولاَية العَامَّة، فإنَّ التَّعْيينَ فيها من صَلاَحيَّات وليِّ الأَمْر بأَنْ يختارَ لهَا الأكْفَاءَ الأُمَناء، ويُعيِّنَهم فيهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿۞إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا وَإِذَا حَكَمۡتُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحۡكُمُواْ بِٱلۡعَدۡلِۚ﴾ [النِّساء: 58]، وهَذَا خطَابٌ لوُلاَة الأُمُور، والأَمَاناتُ هيَ: الولاَياتُ والمَنَاصبُ فِي الدَّولة، جَعَلها اللَّهُ أمانةً فِي حقِّ وليِّ الأمر؛ وأَدَاؤُها اخْتيَارُ الكُفْء الأَمين لهَا، وَكَما كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وخُلَفاؤُهُ ووُلاَة أُمُور المُسْلِمِين من بَعْدهم يَخْتارُون للمَنَاصب مَنْ يَصْلُحُ لهَا، وَيقُومُ بها عَلَى الوَجْه المَشْرُوع.
الصفحة 1 / 325