×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

وأقُولُ: نحنُ لا نُفرِّقُ بَيْن عُلَمائنا فِي هَذِهِ البلاَد، وَعُلماء البلاَد الأُخرى من عُلَماء المُسْلِمِين، فالمُخطئُ مُخطئٌ من عُلَمائنا وغَيْرهم، يجبُ الرَّدُّ عَلَيْه، وَبَيان مَنْزلته من العِلْمِ حتَّى يَعْرف قدرَ نَفْسه، وَرَحم اللَّهُ امرءًا عَرف قدرَ نفسِهِ، لا أن نُسْبغ عَلَيْه ثَوبَ المَديح، وَنَصفَه بالإمَامة، وأنَّهُ مُجْتهدُ العصر ممَّا يُسبِّبُ لهُ الغُرُورَ والتَّمادي فِي الخطأ، والقَوْل عَلَى اللَّه بلا عِلْمٍ، ووَحْدةُ الأُمَّة لا تَتمُّ مَعَ المُدَاهنة فِي دين اللَّه عز وجل، وَمَعَ كِتْمَان الحقِّ والمُجَاملة فيه.

ثُمَّ قَالَ الكَاتبُ - هداهُ اللَّهُ - عَلَى قَوْلي: إنَّ مَسَائل العقيدَة لَيْست مجالاً للاجْتهَاد، قَالَ: هَذَا قولٌ فيه نظرٌ؛ فقَدْ وَقَع الاجتهادُ والاختلافُ فيهَا مُنذُ قُرُونٍ.

وأقُولُ: إنَّ عُلَماء أَهْل السُّنَّة لم يقع بَيْنهُم اختلافٌ فِي مَسَائل العَقيدَة مُنذُ عَصْر الصَّحابة إِلَى وَقْتنا هَذَا، والحمدُ للَّه، وإنَّما خَالَف فيها فِرَقُ الضَّلال كالقَدريَّة والجهميَّة والمُرْجئة والمُعْتزلة والأَشَاعرة ومُشْتقَّاتهم، ولذا أَنْكَر عَلَيْهم أهلُ السُّنَّة، ولو كَانَ الاجتهادُ فيها سائغًا، ما أنكرُوا عَلَيْهم.

وقولُهُ: إنَّ شيخَ الإِسْلاَم ابْن تَيْمية ساقَ مَسَائلَ عَقديَّةً كثيرةً وقعَ الاجتهادُ والاختلافُ فيها، هَذَا قولٌ فيه تَلْبيسٌ عَلَى النَّاس؛ لأنَّ الشَّيخ رحمه الله لَمْ يَذْكُرها مقرًّا لها، بَلْ ذَكَرها كغَيْره للرَّدِّ عَلَيْها، وإبْطَالها.

ثُمَّ إنَّ الكَاتبَ قَالَ قَوْلاً يَضْحكُ منهُ العُقلاءُ، حيثُ قَالَ عَلَى قَوْلي: لا اجتهادَ مع النَّصِّ، قَالَ: إنْ كَانَ المُرادُ بالنَّصِّ ما لا يَحْتملُ غيرَهُ، فلا اجتهادَ مع النَّصِّ، وأمَّا إنْ كَانَ يَحْتملُ... إلخ.

وأقُولُ: وَهَل الَّذي يَحْتملُ غير معنًى واحدٍ يُسمَّى نصًّا، هَذَا عند مَنْ؟ بَيِّنْ لنا هَدَاك اللَّه، وصلَّى اللَّهُ عَلَى نبيِّنا مُحمَّدٍ وآلِهِ وصحبِهِ.

        ****     


الشرح