×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

 ولا ينقصُ أو في القلبِ واللِّسانِ ولا تدخُّل الأعمال في مسمَّاه فلا يضرُّ مع الإيمانِ معصيةٌ، كمَا لا ينفعُ مع الكُفرِ طاعةٌ. وقد تبنَّى هَذَا المذهبَ بعضُ الكُتَّابِ في وقتِنَا الحاضرِ، فصاروا يُنكِرُون التَّكفِيرَ مُطلقًا من غير تفصيلٍ ولا يُكفِّرون حتَّى بنَواقضِ الإسلامِ. وهذا لا شكَّ أنَّه خطأٌ واضحٌ إن كانَ صاحِبُه لا يَعرِفُ تفاصيل المسألةِ بل دخَلَ فيها عن جهلٍ وعدمِ تمييزٍ. أو هو ضلالٌ وتلبيسٌ إن كان يعرف التَّفاصيلَ لكنَّه أرادَ التَّعمية والتَّلبيس، لأنَّ اللَّه سُبْحَانَهُ حكمَ بالكُفْرِ بعدَ الإيمان على من فعَلَ فعلاً منافيًا للإيمانِ؛ كالذَّبح لغيرٍ اللَّه وعبادة القبورِ والأضرحةِ. أو قال قولاً ينافي الإيمان؛ كدعاءِ غير اللَّهِ من الأمواتِ والجنِّ والشَّياطين، أو سبِّ اللَّهِ أو رَسُوله أ وسبِّ دينِ الإسلامِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدۡ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلۡكُفۡرِ وَكَفَرُواْ بَعۡدَ إِسۡلَٰمِهِمۡ [التوبة: 74]. وقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ ٦٥ لَا تَعۡتَذِرُواْ قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡۚ إِن نَّعۡفُ عَن طَآئِفَةٖ مِّنكُمۡ نُعَذِّبۡ طَآئِفَةَۢ بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ [التوبة: 65- 66]. وقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَن يَرۡتَدِدۡ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَيَمُتۡ وَهُوَ كَافِرٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ حَبِطَتۡ أَعۡمَٰلُهُمۡ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ [البقرة: 217]. وقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلۡإِيمَٰنِ فَقَدۡ حَبِطَ عَمَلُهُۥ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ [المائدة: 5]، وقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ [المائدة: 54] الآية. وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ([1])، وقال: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ، النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالتَّارِكُ دِينَهُ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» ([2]). فدلَّت هَذِهِ النُّصوصُ على أنَّه قد يحصُلُ كُفْرٌ بعدَ


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (3017).

([2])أخرجه: البخاري رقم (6878)، ومسلم رقم (1676).