وأَوْجَب عَلَى المُسْلم حُقُوقًا لإخوانِهِ
المُسْلِمِين عُمُومًا، فالمُسْلمُ أخُو المُسْلم، لا يَحْقرُهُ، ولا يخذلُهُ، ولا
يُسلمُهُ، ولا يَتعدَّى عَلَى حُقُوقه، فهُنَاك حقٌّ للرَّاعي عَلَى الرَّعيَّة،
وذَلكَ بالسَّمع وَالطَّاعة لَهُ بالمَعْرفة والنَّصيحة لهُ، وَحقٌّ للرَّعيَّة
عَلَى الرَّاعي بإقَامَة العَدْل بَيْنهُم، وإلْزَامهم بطَاعَة اللَّه ورسُولِهِ،
وكفِّ عُدْوان بَعْضهم عَلَى بَعْضٍ، وَكفِّ عُدْوان عَدُوِّهم عَلَيْهم، وإنْصَاف
المظلُوم منَ الظَّالم، وأَمْرهم بالمَعْرُوف، ونَهْيهم عن المُنْكر، وإقَامة
الحُدُود والتَّعازير عَلَى أصْحَاب الجَرَائم لرَدْعهم عن جَرَائمهم، فقد رتَّب
اللَّهُ سبحانه وتعالى عُقُوباتٍ رادعةً عَلَى مَنْ تعدَّى عَلَى هَذِهِ الحُقُوق،
فَشَرع حدَّ الرِّدَّة عَلَى مَنْ تعدَّى عَلَى حقِّ اللَّه ورسُولِهِ بالرَّدَّة،
وذَلِكَ بارْتكَاب ناقضٍ من نَوَاقض الإِسْلاَم، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ
بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» ([1])، ورتَّب حدًّا عَلَى مَنْ تعدَّى عَلَى دمَاء النَّاس بالقِصَاصِ فِي
النَّفس والأطْرَاف أو الدِّية، قَالَ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِي
ٱلۡقَتۡلَىۖ﴾ [البقرة: 178]. ﴿وَكَتَبۡنَا
عَلَيۡهِمۡ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفۡسَ بِٱلنَّفۡسِ وَٱلۡعَيۡنَ بِٱلۡعَيۡنِ
وَٱلۡأَنفَ بِٱلۡأَنفِ وَٱلۡأُذُنَ بِٱلۡأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ
وَٱلۡجُرُوحَ قِصَاصٞۚ﴾ [المائدة: 45].
وَرتَّب حدًّا عَلَى مَنْ تعدَّى عَلَى الأعْرَاض، فأَوْجَب رَجْمَ الزَّانِي المُحْصن، وجَلْد الزَّاني غَيْر المُحْصن، وَقَتل اللُّوطيِّ وهُو الَّذي يعملُ الفَاحشَة بالذُّكُور، وأَوْجَب حدَّ القَذْف عَلَى مَنْ رَمى عفيفًا بالزِّنا أو اللِّواط ولم يأتِ بأَرْبَعة شُهَداء يَشْهدُون عَلَى صِحَّةِ ما قالَ، وأَوْجَب قطعَ يَد السَّارق حمايةً لاحْتِرَامِ أمْوَال النَّاس، وأَوْجَب جَلدَ شَارب المُسْكر حمايةً للعَقل الإنسانيِّ، وأَوْجَب حدَّ الحَرَابة حمايةً للأَمْن فِي
([1])أخرجه: البخاري رقم (3017).