وَقَالَ الشَّوكَانِيّ
فِي «نَيْلِ الأَوطَار» (1/ 94): «وَقَدْ عَرَفْتَ مِمَّا سَلَفَ الأَحَادِيثَ
الوَارِدَةَ فِي تَحْرِيمِ الحَرِيرِ سَوَاءٌ وُجِدَتْ مُنْفَرِدَة أَوْ
مُخْتَلَطَة بِغَيْرِهَا، وَلاَ يَخْرُجُ عَنِ التَّحْرِيمِ إلاَّ مَا
اسْتَثْنَاهُ الشَّارِعُ مِنْ مِقْدَارِ الأَرْبَعِ الأَصَابِعِ مِنَ الحَرِيرِ
الخَالِصِ، وَسَوَاءٌ وُجِدَ ذَلِكَ مُجْتَمِعًا كَمَا فِي القِطْعَةِ الخَالِصَةِ
أَوْ مُفَرَّقًا كَمَا فِي الثَّوْبِ المَشُوبِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ -
«يَعْنِي حَدِيثَ: إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ
الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنْ قَزٍّ» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «أَمَّا السَّدَى
وَالْعَلَمُ فَلا نَرَى بِهِ بَأْسًا» ([1]) - لاَ يَصْلُحُ
لِتَخْصِيصِ تِلكَ العُمُومَاتِ وَلاَ لِتَقْيِيدِ تِلكَ الإِطْلاَقَاتِ لِمَا
عَرَفْتَ. وَلاَ مُسْتَمْسِكٍ لِلجُمْهُورِ القَائِلِينَ بِحِلِّ الثَّوْبِ إِذَا
كَانَ الحَرِيرُ مَغْلُوبًا إلاَّ قَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ - فِيمَا أَعْلَمُ -
فَانْظُرْ أَيُّهَا المُنْصِفُ هَل يَصْلُحُ جسرًا تذَاد عَنْهُ الأَحَادِيثُ
الوَارِدَةُ فِي تَحْرِيمٍ مُطْلَقِ الحَرِيرِ وَمُقَيَّدِهِ؟ وَهَل يَنْبَغِي
التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا الأَصْلِ مَع مَا فِي إِسْنَادِهِ مِنَ
الضَّعْفِ الَّذِي يُوجِبُ سُقُوطَ الاِسْتِدْلاَلِ بِهِ عَلَى فَرْضِ تَجَرُّدِهِ
عَنِ المُعَارَضَاتُ. فَرَحِمَ اللَّهُ ابْنَ دَقِيقِ العِيدِ فَلَقَدْ حَفِظَ
اللَّهُ بِهِ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ أُمَّةَ نَبِيّهِ عَنِ الإِجْمَاعِ عَلَى
خطأ». ا هـ.
****
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4055)، وأحمد رقم (1879).
الصفحة 2 / 325