وأمَّا نوعُ البيانِ
الثَّاني المذكور، فإيضاحُهُ أنَّ لفظَ الزِّينةِ يكْثُرُ تكرُّرُه في القرآنِ
العظيمِ، مرادًا به الزِّينة الخارجة عن أصلِ المزيَّن بها ولا يُرادُ بها بعضَ
أجزاءِ ذلك الشَّيءِ المزيَّن به، كقولِه تعالى: ﴿۞يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ﴾ [الأعراف: 31]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ﴾ [الأعراف: 32]،
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا
جَعَلۡنَا مَا عَلَى ٱلۡأَرۡضِ زِينَةٗ لَّهَا﴾ [الكهف: 7]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيۡءٖ فَمَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَزِينَتُهَاۚ﴾ [القصص: 60]،
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا
زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنۡيَا بِزِينَةٍ ٱلۡكَوَاكِبِ﴾ [الصافات: 6]،
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَٱلۡخَيۡلَ
وَٱلۡبِغَالَ وَٱلۡحَمِيرَ لِتَرۡكَبُوهَا وَزِينَةٗۚ﴾ [النحل: 8]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ فِي زِينَتِهِۦۖ﴾ [القصص: 79] الآية،
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ٱلۡمَالُ
وَٱلۡبَنُونَ زِينَةُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ﴾ [الكهف: 46]،
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَنَّمَا
ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞ وَزِينَةٞ﴾ [الحديد: 20]
الآية، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ مَوۡعِدُكُمۡ يَوۡمُ ٱلزِّينَةِ﴾ [طه: 59]،
وَقَوْلِهِ تَعَالَى عن قومِ موسَى: ﴿وَلَٰكِنَّا حُمِّلۡنَآ أَوۡزَارٗا مِّن زِينَةِ ٱلۡقَوۡمِ﴾ [طه: 87]، وَقَوْلِهِ
تَعَالَى: ﴿وَلَا
يَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِيُعۡلَمَ مَا يُخۡفِينَ مِن زِينَتِهِنَّۚ﴾ [النور: 31] ؛ فلفظ الزِّينةِ في هَذِهِ الآياتِ كلِّها يُرادُ به ما
يزيِّن به الشَّيء وهو ليس من أصلِ خلقته كمَا ترى، وكوْنُ هَذَا المعنى هو
الغَالبُ في لفظِ الزِّينةِ في القرآنِ، يدلُّ على أنَّ لفظَ الزِّينةِ في محلِّ
النِّزاعِ يُرادُ به هَذَا المعنى الَّذي غلبت إرادَتُه في القرآنِ العظيمِ، وهو
المعروفُ في كلامِ العربِ كقولِ الشَّاعرِ:
يأخذْنَ زينتهنَّ
أحسَن ما تَرَى *** وإذا عطَّلن فهنَّ خيرُ عواطلِ
وبه تَعلَمُ أنَّ
تفسيرَ الزِّينةِ في الآيةِ بالوجْهِ والكفَّين فيه نظرٌ.
وإذا علِمْتَ أنَّ المُرادَ بالزِّينةِ في القرآنِ ما يُتزيَّنُ به ممَّا هو خارجٌ عن أصلِ الخلقةِ، وأنَّ مَن فسَّرُوها من العلماءِ بهذا اختلفوا على قولينِ: