أنْ يُعَدَّ له عدَّتُهُ، وأن يُتَأَهَّبَ له
أهبتُهُ، وإن يُعْلَمَ قدرُ المقامِ الَّذي أقيم فيهِ، ولا يكونُ في صدرِهِ حرجٌ
من قولِ الحقِّ والصَّدعِ بِهِ، فإنَّ اللَّهَ ناصِرَه وهادِيهِ، وكيفَ وهو
المنصبُ الَّذي تولاَّهُ بنفسِهِ ربُّ الأربابِ.
فقالَ تعالى:﴿وَيَسۡتَفۡتُونَكَ فِي
ٱلنِّسَآءِۖ قُلِ ٱللَّهُ يُفۡتِيكُمۡ فِيهِنَّ وَمَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ فِي
ٱلۡكِتَٰبِ﴾ [النِّساء: 127]، وكفى بما تولاَّهُ بنفسِهِ شَرَفًا وجلالةً، إذ يقولُ في
كتابِهِ: ﴿يَسۡتَفۡتُونَكَ
قُلِ ٱللَّهُ يُفۡتِيكُمۡ فِي ٱلۡكَلَٰلَةِۚ﴾ [النِّساء: 176].
وليعلمَ المفتِي عمَّن ينوبُ في فتواهُ، وليُوقنَ أنَّه مسئول غدًا ومُوْقَفٌ بين
يدي اللَّهِ». ا هـ.
ولمَّا كانَ
المؤلِّفُ قد بَسَطَ القولَ في جانبِ تحريمِ الحلالِ وحملَ على الَّذينَ يحرِّمونَ
من غيرِ دليلٍ، فقد وجبَ عليه أيضًا أن لا يَنْسَى خطورةَ الجانبِ الثَّاني وهو
تحليلُ الحرامِ فهو لا يقلُّ أهمِّيَّةً عنِ الجانبِ الأوَّلِ والواقعونَ فِيهِ
أكثرُ، واللَّهَ تعالى قد نَهَى عنِ الجانِبَيْنِ على حدٍّ سواءٍ، فقالَ تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُواْ لِمَا
تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ هَٰذَا حَلَٰلٞ وَهَٰذَا حَرَامٞ لِّتَفۡتَرُواْ
عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ لَا
يُفۡلِحُونَ ١١٦ مَتَٰعٞ قَلِيلٞ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ﴾ [النَّحل: 116-
117].
ومعلومٌ أنَّ من
قواعدِ الشَّريعةِ: اتِّقاءُ الشُّبهاتِ خشيةُ الوقوعِ في المحرَّماتِ.
وإذا تنازعَ حظرٌ وإباحةٌ، غَلَبَ جانبُ الحظرِ ممَّا يدلُّ على خطورةِ الوقوعِ في
الحرامِ.
هذا وأسألُ اللَّهَ
لنا وللمؤلِّفِ ولجميعِ المسلمينَ التَّوفيقَ للعلمِ النَّافعِ والعملِ الصَّالحِ.
وصلَّى اللَّه وسلَّم على نبيِّنا محمَّدٍ وآلِهِ وصحبِهِ.
****
الصفحة 2 / 325