أوَّلاً: مَسَائلُ العَقيدَة؛ لأنَّ العقيدَة توقيفيَّةٌ، لا يدخُلُها الاجتهادُ.
ثانيًا: المَسَائلُ الَّتي فِيهَا
نصٌّ منَ الشَّارع لا يَدْخُلُها الاجْتهَادُ؛ لأنَّهُ لا اجْتهَاد مَعَ النَّصِّ.
ثالثًا: المَسَائلُ المُجْمعُ
عَلَيْها لا اجْتهَاد فيهَا؛ لأنَّهُ لاَ يجُوزُ مُخَالفة الإجْمَاع.
وَأمَّا الاجْتهَادُ المذهبيُّ، فَهُو أن يَخْتارَ المُفتي من مَسَائل المَذْهب الَّذي يَنْتسبُ إلَيْه أو
من غَيْره ما تَرجَّح لَدَيه بالدَّليل، ولاَ يختارُ ما تَهْواهُ نفسُهُ أو ما
يَرْضى به النَّاسُ، ولَوْ خَالَف الدَّليل، فَمَن الْتمَس رضا النَّاس بسَخَط
اللَّه، سَخط اللَّهُ عَلَيْه وأَسْخَط عَلَيْه النَّاسَ.
ويجبُ الرَّدُّ عَلَى مَنْ خالف الدَّليلَ، ولا يجُوزُ السُّكُوتُ عنهُ؛
لأنَّ الرَّدَّ بيانٌ للحقِّ، والسُّكُوتُ كِتْمانٌ للعِلْمِ، وإقرارٍ للبَاطل،
وَاللَّهُ تَعَالَى يقُولُ: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ
وَٱلۡهُدَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا بَيَّنَّٰهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلۡكِتَٰبِ أُوْلَٰٓئِكَ
يَلۡعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلۡعَنُهُمُ ٱللَّٰعِنُونَ ١٥٩ إِلَّا
ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصۡلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَٰٓئِكَ أَتُوبُ عَلَيۡهِمۡ
وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ﴾ [البقرة: 159، 160]، وَلاَ يعتبرُ الرَّدُّ عَلَى المُخْطئ تنقيصًا لهُ،
وإنَّما هُو من بَاب النَّصيحَة والتَّعاوُن عَلَى البـرِّ والتَّقوى، وقَدْ قَالَ
النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ،
الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لِلهِ،
وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلأَِئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ»
([1])، وَضدَّ النَّصيحَة هُو الغشُّ والكتمانُ.
والَّذي نُوصي به إخْوَاننا الَّذين يكتُبُون فِي الصُّحُف مَقَالاتٍ يُؤيِّدُون بها الفَتَاوى الخَاطئة، ويُثْنُون عَلَى أَهْلها ويَصفُونَهُمْ بالأئمَّة ومُجْتهدي
([1])أخرجه: مسلم رقم (55).