إذًا فالسَّلفيَّةُ هي المَنهجُ الحقُّ الَّذي يجِبُ علينا أنْ نَسِيرَ
عليه ونتركَ ما خالَفَه من المنَاهِجِ، وأصحابه هم الفِرقَةُ النَّاجيَةُ أهل
السُّنَّةِ والجماعةِ، وهم الطَّائفةُ المنصورَةُ إِلَى يومِ القيَامَةِ، جعلنا
اللَّهُ منهم. ولكنَّ الانتسابَ إِلَى هَذِهِ المناهِجِ يحتاجُ إِلَى معرفةٍ
بأصولِهِ ليلتزِمَهُ المسلمُ، وتجبُ معرفتهُ بالمناهجِ المخالفةِ له حتَّى
يجتَنِبَها، فالتَّمسُّكُ بنهجِ السَّلفِ يكونُ عن علمٍ وبصِيرةٍ. ولا يكفي
مُجرَّد الانتسابُ إليه مع الجهْلِ به أو مخالفَتِه، ولهذا قَالَ تَعَالَى:﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم
بِإِحۡسَٰنٖ﴾ [التوبة: 100] أيْ: إحسَانٍ بمعْرِفَتِه وإحسانٍ في الاتِّباعِ من غيرِ
غلوٍّ ولا جفَاءٍ ومن غيرِ إفراطٍ ولا تفريطٍ، كالَّذين ينتسبون إِلَى مذاهبِ
الأئمَّةِ الأربعةِ أبي حنيفةَ ومالكٍ والشَّافعيِّ وأحمدَ وهُمْ يسيرُونَ على
غيرِ منهَجِهِم في العقيدَةِ والعبادَةِ. وكذا الَّذي ينتمي إِلَى منهَجِ السَّلفِ
وهو يكفِّر المُسْلِمِينَ أو يخرجُ على ولاةِ أُمورِ المُسْلِمِينَ أو ينحُو أيَّ
ناحيةٍ من الغلُوِّ، فهذا ليسَ سلفِيًّا؛ بل يُسمَّى خَارجِيًّا أو معتزلِيًّا
وكذا الَّذي ينتسبُ إِلَى مذهبِ السَّلفِ وهو يقولُ بقولِ المرجِئَةِ في مسألةِ
الإيمانِ والكُفْرِ هَذِهِ ليسَتِ السَّلفيَّة.
فالواجبُ التَّنبُّه لهذه المسألةِ وأنْ لا يُخْلَطَ منهجُ السَّلفِ مع
المناهجِ الأخْرَى المخالفة له ويُقَال: هَذِهِ المناهجُ ليست من الإسلامِ
جَمِيعُها، هَذَا من المجازفَةِ في القولِ والجورِ في الحُكمِ والتَّلبيسِ على
النَّاسِ.
هَذَا ما أرَدْتُ التَّنبيهَ عليه، واللَّهُ وليُّ التَّوفيق.
وصلَّى اللَّه وسلَّم على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى
آله وصحبه.
كتبه
صالحُ بنُ فوزان بن عبدِ اللَّهِ الفوزانِ
عُضْوُ هيئةِ كِبَارِ العماءِ
****
الصفحة 2 / 325