وأمرَ المؤْمِنين بالبرَاءةِ من الكفَّارِ والمُشْرِكينَ ولو كانوا من
أقَارِبِهم. قَالَ تَعَالَى: ﴿قَدۡ كَانَتۡ لَكُمۡ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ فِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَٱلَّذِينَ
مَعَهُۥٓ إِذۡ قَالُواْ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَٰٓؤُاْ مِنكُمۡ وَمِمَّا
تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وَبَدَا بَيۡنَنَا وَبَيۡنَكُمُ
ٱلۡعَدَٰوَةُ وَٱلۡبَغۡضَآءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥٓ﴾ [الممتحنة: 4]. وهذا أصلٌ
من أصولِ الإيمانِ والدِّينِ متقرِّرٌ في الكتابِ والسُّنَّة وكُتُب العقيدةِ
الصَّحيحةِ لا يُمَارِي فيه مسلمٌ، ولكنَّنا في هَذِهِ الأيَّامِ صِرْنا نقرَأُ في
بعضِ الصُّحفِ نقلاً عمَّا دَارَ في مُؤتَمَرِ الحوارِ الوطنيِّ محاولةً واقتراحًا
من بعضِ المشاركين، نرجُو أن تكونَ تلك المحاولةُ والاقْتِرَاحُ صادِرَينِ عن
جَهْلٍ، وذلك كمَا نُشِرَ في بعضِ الصُّحفِ أن يُتْرَكَ لفظُ «الكافر»
ويُستَبْدَلُ بلفْظٍ «مُسلمٌ، وغير مسلمٍ»، أو يقال: المُسْلِمُ والآخَرُ. وهل
معنى ذلك أن نَتْرُكَ ما وَرَدَ في القرآنِ والسُّنَّة وكُتُبِ العقيدةِ
الإسلاميَّة من لفظِ الكُفْرِ والشِّرْكِ والكفَّار والمشركين، فيكون هَذَا
استدْرَاكًا على الكِتَابِ والسُّنَّة، فيكون هَذَا من المحَادّة للَّه
ولِرَسُولِه. ومن تَغْيِير الحقائقِ الشَّرعيَّة فنكونُ من الَّذين حرَّفوا
كِتَابَ ربِّهم وسُنَّة نبيِّهِم، ثمَّ ما هو الدَّافِعُ لذلك هل هو إرضَاء
الكفَّار؟ فالكفَّارُ لن يَرضُوا عنَّا حتَّى نترك دِينَنا. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ
ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ﴾ [البقرة: 120]، وقَالَ
تَعَالَى: ﴿وَلَا
يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمۡ عَن دِينِكُمۡ إِنِ
ٱسۡتَطَٰعُواْۚ﴾ [البقرة: 217]، ثمَّ إنَّه لا يجوزُ لنا إرضَاء الكفَّار والتماس
مَودَّتهم لنَا وهُم أعداءٌ للَّهِ ولرَسُولِه. قَالَ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ تُلۡقُونَ
إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ وَقَدۡ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ ٱلۡحَقِّ﴾ [الممتحنة: 1].
وإن كان مُرادُ هَؤُلاءِ المنادين بتَغْييرِ هَذِهِ المسمَّيات الشَّرعيَّة
التَّلطُّف معَ الكفَّارِ وحُسن التَّعاملِ معهم، فهذا لا يكونُ على حسابِ تغيير