×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

وأيضًا فإنه بإيجاز القيام، وإطالة الرُّكوع والسُّجود، تصير الصَّلاة تامَّة لاعتدالها وتقارُبها، فيصدقُ قولُه: ما رأيتُ أوْجَز ولا أتم.فأمَّا إن أُعيدَ الإيجاز إلى لفظ: لا أتمَّ، والإتمامُ إلى لفظ: لا أَوْجَز، فإنه يصيرُ في الكلام تناقُضًا؛ لأنَّ مَن طوَّل القيامَ على قيامِه صلى الله عليه وسلم لم يكن دونَه في إتمام القِيام، إلاَّ أن يُقال: الزيادةُ في الصُّورة تصيرُ نَقْصًا في المعنى، وهذا خِلافُ ظاهر اللفظ، فإنَّ الأصل أن يكونَ معنى الإيجاز والتَّخفيف غير معنى الإتمام والإكمال؛ ولأنَّ زَيْـد بن أسلم قال: كـان عمر يخفِّفُ القِيامَ والقُعود، ويتمُّ الركوع والسُّجود، فعُلِم أنَّ لَفْظَ الإتمام عندهم هو إتمامُ الفِعل الظَّاهر. وأحاديثُ أنَسَ كُلُّها تدلُّ على أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُطيل الرُّكوع والسُّجود والاعتدالين، زيادةً على ما يفعلُه أكثرُ الأئمة، وسائر روايات الصحيح تدلُّ على ذلك

***

قوله: «وأيضًا فإنه بإيجاز القيام وإطالة الركوع والسجود تصير تامة لاعتدالها وتقاربها...» أي: أنَّ المراد بالإيجاز: الإيجاز في الصلاة كلها بقيامها وركوعها وسجودها، يعني: أن لا يطيلها إطالة تخرجها عن المشروع، وبالتالي يعود الإيجاز إلى صفة الصلاة كلها على هذا التفسير، والإتمام يكون أيضًا في صفة الصلاة كلها، أي: يوجز الصلاة كلها مع إتمامها كلها، أو كما قال الشيخ: إنَّ الإيجاز يكون في بعضها وهو القيام، والإتمام يكون في الركوع والسجود، والاعتدال من الركوع، والاعتدال من السجود؛ لأنَّ بعض الناس يفرط في ذلك. والحاصل: أنَّ الإتمام المشروع لا يكونُ بدون إيجاز، والإيجاز لا يكونُ بدون إتمام، أي: لا يُأخذ أحد الطرفين ويتركُ


الشرح