وروى سعيد بن منصور في
«سننه»، حدثنا عبدُ العزيزِ بن محمدٍ، أخبرني سهيل بن أبي سهيلٍ، قال: رآني الحسن
بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندَ القبرِ فناداني، وهو في بيت فاطمة
يتعشَّى، فقال: هلُمّ إلى العَشاء، فقلت: لا أريده، فقال: ما لي رأيتُكَ عندَ
القبرِ؟ قلتُ: سلّمت على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: إذا دخلتَ المسجدَ
فسلِّم، ثمَّ قال: إنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ تَتَّخِذُوا
قَبْرِي عِيدًا وَلاَ تَتَّخِذُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ،
اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ
صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ مَا كُنْتُمْ»، قال: ما أنتم ومن بالأندلس إلاَّ
سواء. ولهذا ذكر الأئمة، أحمد وغيره من أصحاب مالك وغيرهم: إذا سلّم على النبيِّ
صلى الله عليه وسلم، وقال ما ينبغي له أن يقول، ثم أراد أن يدعو، فإنّه يستقبل
القِبلة، ويجعل الحجرة عن يساره.
***
هذا طريق آخر للحديث السابق وهو عن الحسن بن الحسن، وأما الحديث الأول فعن علي بن الحسين، فاتفق النقل عنهما جميعًا رضي الله عنهما أنهما أنكرا على هذا الذي يأتي ويتحرى الدعاء أو الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم عند القبر، والسبب أنهما خشيـا عليه مـن الغلوّ، فسارعا إلى نهيه عن ذلك، وأبلغاه قول الرسول صلى الله عليه وسلم أنَّه نهى عن اتخاذ قبره عيدًا يتردد عليه للصلاة عليه، وقد قال: «وَصَلُّوا عَلَيَّ حَيْثُ مَا كُنْتُمْ؛ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي». ثم قال الحسن بن الحسن - رحمه الله: ما أنت ومن بالأندلس إلاَّ سواء، فالصلاة تَصل من أيّ مكان حصلت فيه، ولا يُشرع لها أن تأتي عند القبر، إنما تأتي عند القبر إذا قدِمت من
الصفحة 1 / 417