×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

وأما مذهب مالك وأصحابه ففيه ما هو أكثر من ذلك، حتى قال مالك فيما رواه ابن القاسم في «المدوَّنة»: لا يُحرِم بالأعجميّة، ولا يدعو بها، ولا يحلف. ونهى عمر رضي الله عنه عن رَطانة الأعاجم، وقال: إنها خِبٌّ. قال: وأكره الصلاة إلى حجر منفرد في الطريق، وأما أحجار كثيرة فجائز. قال: ويُكره ترك العمل يوم الجمعة، كفعل أهل الكتاب يوم السبت والأحد. قال: ويقال: من تعظيم الله تعظيم ذي الشَّيبة المسلم، قيل: فالرجل يقوم للرجل له الفضل والفقه؟ قال: أكره ذلك، ولا بأس بأن يوسع له في مجلسِه. قال: وقيام المرأة لزوجها حتى يجلس من فِعل الجبابرة. وربما يكون الناس ينتظرونه، فإذا طلع قاموا، فليس هذا من فِعل الإسلام. وهو فيما يُنهى عنه من التشبّه بأهل الكتاب والأعاجم. وفيما ليس من عمل المسلمين، أشدُّ من عمل الكوفيين وأبلغ، مع أنَّ الكوفيين يبالغون في هذا الباب. حتى تكلم أصحاب أبي حنيفة في تكفير من تشبَّه بالكفار في لباسهم وأعيادهم.

***

قوله: «وأما مذهـب مالك وأصحابه ففيه ما هو أكثر» فمذهب المالكية يحرمون أن يُحرِم الرجل بالأعجمية، يعني: أن يتلفّظ بالإحرام باللغة الأعجميّ بدلاً من اللغة العربية، وهذا في الذي يُحسن العربية، فلا يجوز له أن يعدل إلى غيرها، وأما الذي لا يُحسن العربية، فإنَّه يُحرم بلُغته.وكذلك لا يدعو باللغة الأعجميّة وهو يُحسن اللغة العربية؛ لأنَّ العربية هي لغة الشرع، فلا يجوز أن يدعو بغيرها إن أمكنه ذلك. وكذلك لا يحلف بالأعجميّة، والحلف معناه: القسم، ولا يكون الحلف إلاَّ بالله، أو بصفة من صفاته بأحد حروف القسم، مثل: والله، بالله، وتالله، فلا يحلف باللفظ الأعجمي وهو


الشرح