وفي «الصحيحين» ([1]): أَخْبَرَنَا
ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ:
كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، يَجْتَمِعُونَ
فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلاَةَ، لَيْسَ يُنَادَى لَهَا، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي
ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى،
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ، فَقَالَ عُمَرُ:
أَوَلاَ تَبْعَثُونَ رَجُلاً يُنَادِي بِالصَّلاَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى
الله عليه وسلم: «يَا بِلاَلُ، قُمْ فَنَادِ بِالصَّلاَةِ». ما يتعلق بهذا الحديث
في شرع الأذان، ورؤيا عبد الله بن زيد، وعمر، وأمْرِ عمر أيضًا بذلك، وما روي من
أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان قد سمع الأذان ليلة أُسري به، إلى غير ذلك،
ليس هذا موضع ذِكره وذِكر الجواب عما قد يستشكل منه، وإنما الغرض هنا أنَّ النبيَّ
صلى الله عليه وسلم لما كره بوق اليهود المنفوخ بالفم، وناقوس النَّصارى المضروب
باليد، علَّل هذا بأنَّه من أمر اليهود، وعلَّل هذا بأنَّه من أمر النَّصارى؛
لأنَّ ذِكر الوصف عقيب الحكم يدل على أنَّه علَّة له، وهـذا يقتضي نهيـه عما هـو
مـن أمـر اليهود والنَّصارى. هذا مع أنَّ قَرْنَ اليهود يقال: إنَّ أصله مأخوذ عن
موسى عليه السلام، وأنَّه كان يُضرب بالبوق في عهده، وأما ناقوس النَّصارى
فمبتدَع، إذ عامّة شرائع النَّصارى أحدثَها أحبارهم ورهبانهم.
***
قوله: «كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلاَةَ...» يشير الشيخ رحمه الله إلى أنَّ الروايات في هذه المسألة، وما جرى فيها من تداولات كثيرة، ليس الغرض منها استقصاء ما ورد
الصفحة 1 / 417