×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

ففي «الصحيحين»، عن حمَّادِ بنِ زَيْدٍ، عن ثابتٍ، عن أنسِ بن مالِكٍ قال: إِنِّي لاَ آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِنَا، قَالَ ثابت: فَكَانَ أَنَسٌ يَصْنَعُ شَيْئًا لاَ أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَهُ، كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ انْتَصَبَ قَائِمًا، حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: قَدْ نَسِيَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ مَكَثَ، حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: قَدْ نَسِيَ ([1]). وفي رواية في «الصحيح»: وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ([2]).

وفي روايةٍ للبخاريّ من حديث شُعبة، عن ثابت: كَانَ أَنَسٌ يَنْعَتُ لَنَا صَلاَةَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَكَانَ يُصَلِّي فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَامَ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ نَسِيَ ([3]). فهذا يُبيِّن لك أنَّ أنسًا أراد بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إطالة الركوع والسُّجود والرَّفْعِ فيهما على ما كانَ النَّاسُ يفعلونَه، وتقصيرُ القِيام عمَّا كان النَّاسُ يفعلونَه.

***

الطرف الآخر كما فعلت الخوارج، فإنهم أخذوا بالإتمام وزادوا وطوَّلوا وتركوا الإيجاز، والكسالى وأهل الجهل أخذوا بالطرف الثاني، أي: بالإيجاز وتركوا الإتمام. وقوله: «زيادة على ما يفعله أكثر الأئمة...» يعني: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل الركوع والسجـود والاعتـدالين، وهذا خلاف ما عليه أكثر أئمة المساجـد، وسائر الروايات تدل على أن فعله صلى الله عليه وسلم إيجاز مع إتمام.

قوله: «إِنِّي لاَ آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِنَا...» هذه هي السُّنَّة التي التزم بها أنس، منتقدًا أهل زمانه


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (821)، ومسلم رقم (472).

([2])أخرجه: البخاري رقم (821).

([3])أخرجه: البخاري رقم (800).