فصل
واعلمْ أنَّ بين التشبُّه
بالكُفّار والشياطينِ، وبين التشبُّه بالأعراب والأعاجِمِ فرقًا يجب اعتبارُه،
وإجمالاً يحتاج إلى تفسير.
***
هذه قاعدة عظيمة، فإنَّه ذكر رحمه الله تحريم
التشبُّه بالشياطين، وتحريم التشبه بالكفار، وتحريم التشبه بالأعراب، وتحريم
التشبه بالأعاجم، ثم ذكر هنا أنَّ هناك فرقًا بين التشبُّه بالشياطين، والتشبُّهِ
بالأعراب والأعاجم، وذلك على النحو التالي:
أولاً: التشبّه
بالشياطين: ممنوع مطلقًا، ولا يُستثنى منه شيء؛ لأنَّ الشياطين كلهم شرٌّ، وليس فيهم
صلاحٌ أبدًا، فلا يجوز التشبُّه بهم مطلقًا، إذ ليس فيهم صالحون.
ثانيًا: وأما
الأعراب: ففيهم من هو صالح ومؤمن ومستقيم، وكذلك الفرس والعجم، فإنَّ فيهم من
أولياء الله ومن أهل العلم وأهل الصلاح الشيء الكثير.فالله جل وعلا قال في شأن
الأعـراب: ﴿وَمِنَ
ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا
يُنفِقُ قُرُبَٰتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَٰتِ ٱلرَّسُولِۚ﴾ [التوبة: 99] فقد
أثنى سبحانه على هذا الصنف من الأعراب، فدلَّ على أنهم غير مذمومين في الجملة.
ثالثًا: وكذلك يقال في الفرس والأعاجم، فإنَّ الله جل وعلا قال: ﴿وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ﴾ [الجمعة: 3]، وهذا من باب المدح، فهو -سبحانه - يُثني على هؤلاء الآخرين الذين سيلحقون بهم، وكان الصحابة رضوان الله عليهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن المراد بذلك؟ وكان
الصفحة 1 / 417