×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 وابنُ ماجَه ([1])، وهذا إسْنادٌ على شَرْط مُسْلِم. والضحَّاك بن عثمان قال فيه أحمد ويحيى: هو ثِقة، وقال فيه ابن سَعْـد: كان ثَبْتـًا. ويدلُّ على ما ذكرناه: مـا رواهُ مُسْلمٌ في «صحيحه» ([2])، عن عمَّار ابن ياسر رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ طُولَ صَلاَةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ فَأَطِيلُوا الصَّلاَةَ وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ وَإِنَّ مِنْ الْبَيَانِ سِحْرًا». فقد جَعَل طُول الصَّلاة علامةً على فِقْه الرَّجل، وأمَرَ بإطالتها، وهذا الأَمْر إمَّا أن يكون عامًّا في جميع الصَّلوات، وإمَّا أن يكون المُراد به: صلاة الجُمعة، فإن كان اللَّفظ عامًّا فظاهِر، وإن كان الـمُراد به صلاة الجُمعة، فإذا أَمَر بإطالتها مع كَـوْن الجَمْع فيها يكون عظيمًا من الضُّعفاء والكِبار وذوي الحاجات ما ليس في غيرها، ومع كَوْنها تُفْعل في شِدَّة الحَرّ مسبوقةً بخُطْبَتين، فالفجر ونحوها التي تُفْعل في وَقْت البَرْد مع قِلَّة الجَمْع أولى وأحْرَى، والأحاديث في هذا كثيرة.

***

 قوله: «أَسْأَلُكَ عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا لَكَ فِي ذَاكَ مِنْ خَيْرٍ») هذا الحديث من جملة الأحاديث الواردة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك صلاته الظهر، فإنه كان يطيل الركعة الأولى، وينتظر القادم للصلاة، بحيث إنَّ الرجل يذهب إلى البقيع؛ لأنَّ المدينة كانت في وقته صلى الله عليه وسلم محصورة في رقعةٍ ضيقة، والبقيع خارجها قريب منها، فكان الرجل يخرج لقضاء حاجته، ثم يعود فيتوضأ،


الشرح

([1])النسائي رقم (982)، وابن ماجه رقم (827)، وابن خزيمة رقم (520).

([2])أخرجه: مسلم رقم (869).