العلم، كما قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةٗۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ
قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ﴾ [التوبة: 122].
فالهجرة من البادية
إلى الحاضرة لطلب العلم والتفقُّه في الدين واجبة في الجملة، فإذا قام بها من يكفي
سقط الإثم عن البقية. إذن كانت الهجرة من البادية إلى الحاضرة في بادئ الأمر
واجبة، ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن
وَلَٰيَتِهِم مِّن شَيۡءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْۚ﴾ [الأنفال: 72].
والمراد بالـولاية هنـا: الميراث. فكان الأعرابي في بداية الدَّعوة لا يرث
المهاجر، ولا يرث المهاجرُ الأعرابي، ثم نُسخ ذلك، بقوله - سبحانه وتعالى: ﴿وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ
بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِۚ﴾ [الأنفال: 75]، فصار المسلمون يتوارثون فيما بينهم، ولكن
بقي أنَّ المسلم لا يرث الكافر، والكافر لا يرث المسلم.
والهجرة على أنواع:
النوع الأول: الهجرة من بلاد الكفار إلى بلاد المسلمين، وهذه أمر واجب وباقٍ ومستمر، ومن تركها مع القدرة عليها فهو متوعَّد بأشدّ الوعيد، قَال َ تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ قَالُواْ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوٓاْ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۚ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا ٩٧ إِلَّا ٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ لَا يَسۡتَطِيعُونَ حِيلَةٗ وَلَا يَهۡتَدُونَ سَبِيلٗا ٩٨ فَأُوْلَٰٓئِكَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَعۡفُوَ عَنۡهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَفُوًّا غَفُورٗا﴾ [النساء: 97- 99] وهذه الهجرة باقية إلى أن تخرج الشمس من
الصفحة 1 / 417