مغربها، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَنْقَطِعُ
الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ، وَلاَ تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى
تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» ([1]).
النـوع الثاني: الهجرة من بلاد
الكفر إلى بلاد كفر أخرى أخفّ من الأولى، يتمكن فيها المسلم من إظهار دينه، كهجرة
المسلمين إلى أرض النصارى من الحبشة، فإنْ لم يتمكن المسلم الـمُقيم في بلاد
الكُفر من الهجرة إلى بلاد الإسلام، فعليه أن يهاجر إلى بلد من بلاد الكفر يكون
فيها الضرر أخفَّ من البلد الذي هو فيه.
النوع الثالث: الهجرة من البادية
إلى حاضرة المسلمين، وهي المقصودة هنا، وهذه كانت واجبة في أول الإسلام، ثم كان
صلى الله عليه وسلم يوصي القادة في الجهاد: أنَّ من أسلم من الأعراب فإنه يُخيّر:
إمّا أن يهاجر إلى الحاضرة ويجاهد مع المسلمين، فيكون له من المغانم مثل
المجاهدين، وإما أن يبقى في باديته، وليس له من الفيء والمغانم شيء، وإنما يكون
كأعراب المسلمين، وعلى هذا فإنه يكون ترك أمرًا مستحبًا. وهذا نسخ ما كان واجبًا.
والحاصل من هذا: أنَّ سكان البادية في الغالب يغلب عليهم الجفاء والكفر والنفاق، فلذلك شُرعت لمن أسلم منهم الهجرة من البادية إلى الحاضرة، قَال َ تَعَالَى: ﴿ٱلۡأَعۡرَابُ أَشَدُّ كُفۡرٗا وَنِفَاقٗا وَأَجۡدَرُ أَلَّا يَعۡلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٞ ٩٧ وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا
([1])أخرجه: أبو داود رقم (2479)، والدارمي رقم (2555)، وأحمد رقم (6906).