فروى الأعمش عن عمارة بن
عمير، عن الربيع بن أبي عميلة الفزاري، حدَّثنا عبد الله حديثًا ما سمِعْتُ حديثًا
هو أحسنُ مِنْه إلاَّ كتاب الله، أو رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا طَالَ عَلَيْهِمُ الأَْمَدُ قَسَتْ قُلُوبُهُمُ
فَاخْتَرَعُوا كِتَابًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمُ اسْتَهْوَتْهُ قُلُوبُهُمْ،
واسْتَحْلَتْهُ أَنْفُسُهُمُ، وَكَانَ الْحَقُّ يَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ
كَثِيرٍ مِنْ شَهَوَاتِهِمْ حَتَّى نَبَذُوا كِتَابَ اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ
كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ فَقَالوا: اعْرِضُوا هَذَا الْكِتَابَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ
فَإِنْ تَابَعُوكُمْ فَاتْرُكُوهُمْ، وَإِنْ خَالَفُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ثُمَّ
قَالوا: لاَ بَلِ أرْسِلُوا إِلَى فُلاَنٍ - رَجُلٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ -،
فَاعْرِضُوا عَلَيْهِ هَذَا الْكِتَابَ فَإِنْ تَابَعَكُمْ فَلَنْ يُخَالِفَكُمْ
أَحَدٌ بَعْدَهُ، وَإِنْ خَالَفَكُمْ فَاقْتُلُوهُ، فَلَنْ يَخْتَلِفَ عَلَيْكُمْ
بَعْدَهُ أَحَدٌ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ، فَأَخَذَ وَرَقَةً فَكَتَبَ فِيهَا
كِتَابَ اللهِ، ثُمَّ جَعَلَهَا فِي قَرَنٍ ثُمَّ عَلَّقَهَا فِي عُنُقِهِ ثُمَّ
لَبِسَ عَلَيْهَا الثِّيَابَ، ثُمَّ أَتَاهُمْ فَعَرَضُوا عَلَيْهِ الْكِتَابَ
فَقَالُوا: أَتُؤْمِنُ بِهَذَا؟ فَأَوَمأ إِلَى صَدْرِهِ فَقَالَ: آمَنْتُ
بِهَذَا، وَمَا لِي لاَ أُومِنُ بِهَذَا؟ - يَعْنِي الْكِتَابَ الَّذِي فِي
الْقَرَنِ - فَخَلُّوا سَبِيلَهَ، وَكَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَغُشُّونَهُ، فَلَمَّا ماتَ
نَبَشُوه فَوَجَدُوا الْقَرَنَ، وَوَجَدُوا فِيهِ الْكِتَابُ، فَقَالُوا: ألا
تَرَوْنَ قَوْلَه: آمَنْتُ بِهَذَا، وَمَا لِي لاَ أُومِنُ بِهَذَا؟ إِنَّمَا
عَنَى هَذَا الْكِتَابَ. فَاخْتَلَفَ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى بِضْعٍ وَسَبْعِينَ
مِلَّة، وَخَيْرُ مِلَلِهِمْ أَصْحَابُ ذِي الْقَرَنِ، قَالَ عَبْدُ اللهِ:
وَإِنَّ مَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ سَيَرَى مُنْكَرًا، وبِحَسْبِ امْرِئٍ يَرَى
مُنْكَرًا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَهُ أَنْ يُعْلِمَ اللهَ مِنْ قَلْبِهِ
أَنَّهُ لَهُ كَارِهٌ ([1])
***
الصفحة 1 / 417