×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

ومحل الشاهد: ترك التشبّه بالمشركين، وأنَّ الإفاضة من عرفات قبل غروب الشمس فيه تشبّه قد نهينا عنه.وأيضًا، فعن حذيفـةَ بنِ اليمانِ رضي الله عنهما، قـال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلاَ تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا؛ فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الآْخِرَةِ» ([1])، متفق عليه.

***

 أي: موضع الشاهد مما ذكر: أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم خالف المشركين في هذه المواضع، وأفاد حديث الشرب نوعًا آخر من الأمور التي نُهينا أن نتشبّه بأهل الكتاب فيها، حيث نهينا أن نأكل أو نشرب في صِحاف الذهب والفضة.

فقوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الآْخِرَةِ» هذا دليل على تحريم التشبّه بهم في هذا الصنيع، أي: اتخاذ أواني الذهب والفضة للأكل والشرب، فيكون هذا علَّةً في التحريم، علاوةً على ما في ذلك من الإسراف والخيلاء، وكسر قلوب الفقراء، وما في ذلك أيضًا من تضييق العملة على المسلمين، إلى غير ذلك من الأسرار التي ينطوي عليها هذا النهي.

لكن من أبرزها: ما نصَّ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، بقوله: «فَإِنَّهَا لَهُمْ - يعني: الكفار - فِي الدُّنْيَا» يستعملونها، وليس معنى ذلك أنها مباحة لهم، وإنما هم تجرؤوا عليها واستعملوها، والنهي هنا يشمل استعمال أكواب وصحون الذهب والفضة، وكذلك تذهيب الأبواب والسقوف، وما أشبه ذلك من طلي مقود السيارة، أو المفاتيح؛ لأنَّ هذا فيه الكبر والبذخ، والإسراف وإنفاق المال فيما لا طائل فيه، وأما ما كان غير الذهب والفضة كالماس والأحجار الكريمة فيبقى على أصل الإباحة.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (5426)، ومسلم رقم (2067).