وأيضًا في المسألة
ما رواه الترمذيُّ ([1]) وغيرُه من حديث
أبي بدرٍ شجاع ابن الوليد، عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه، قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا
سَلْمَانُ، لاَ تُبْغِضْنِي فَتُفَارِقْ دِينَكَ» قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا
رَسُولُ اللَّهِ كَيْفَ أُبْغِضُكَ وَبِكَ هَدَانِي اللَّهُ ! قَالَ: «تُبْغِضُ
الْعَرَبَ فَتُبْغِضُنِي»، قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفـه إلاَّ من
حديث أبي بدر، شجاع ابن الوليد. فقد جعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم بُغض العرب
سببًا لفراق الدِّين، وجعلَ بُغضهم مقتضيًا لبُغضِه. ويشبه أن يكون النبيُّ صلى الله
عليه وسلم خاطب بهذا سلمان - وهو سابق الفرس، ذو الفضائل المأثورة - تنبيهًا لغيره
من سائر الفرس، لما أعلمه الله من أنّ الشيطانَ قد يدعو النفوس إلى شيء من هذا.
كما أنه صلى الله عليه وسلم لما قال: «يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، لاَ
أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ، عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى
الله عليه وسلم لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ
رَسُولِ اللهِ، لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا؛ سَلُونِي مِنْ مَالِي مَا
شِئْتُمْ» ([2])، كان في هذا
تنبيه لمن انتسب لهؤلاء الثلاثة: أن لا يغتروا بالنسب ويتركوا الكَلِم الطيِّب
والعملَ الصالح.
***
قوله: «يا سلمان، لا تبغضني فتفارق دينك...» هذا الحديث غريب، والغريب: هو ما تفرَّد به راوٍ واحد، ومفاده أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لسلمان الفارسي - وهو من أوائل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار: «لاَ تُبْغِضْنِي فَتُفَارِقَ دِينَكَ» فهل يُتصور أن سلمان رضي الله عنه يبغض الرسول صلى الله عليه وسلم وهـو الـذي تحمّل المشـاق حتى منَّ الله
([1])أخرجه: الترمذي رقم (3927).
الصفحة 1 / 417