عليه بما أراد، ولقي الرسول صلى الله عليه وسلم
وآمـن به في قصة معروفـة في إسلام سلمان؟! ثم إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بيّن
له أنَّ بغضه إنما يكون ببغض العرب، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم من العرب
وسلمان من الفرس، فلا يحمله كونه من الفرس أن يُبغض العرب، كعادة الشعوبيين الذين
يبغضون العرب، فمن أبغض العرب أبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم، بطريقة غير
مباشرة، والشرع جاء بسدِّ الوسائل التي تفضي إلى المحذور، فلو أنه أبغض العرب
لأدّى هذا إلى بُغض الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه عربي، فيكون هالكًا، لأنّ مَن
فعل ذلك ارتـدَّ عن دين الإسلام - والعيـاذ بالله - فينبغي الحذر من ذلك.
قوله: «فقد جعل النبي
صلى الله عليه وسلم بغض العرب سببًا لفراق الدِّين...» سببًا غير مباشر؛ لأنه
إذا أبغض العرب لزم من ذلك بُغض الرسول صلى الله عليه وسلم، وبُغض ما جاء به، وهذه
رِدَّةٌ صريحة عن الإسلام.
قوله: «ويشبه أن يكون
خاطب بهذا سلمان وهو سابق الفرس...» يعني: خاطب سلمان رضي الله عنه مع أنه
سابق الفرس إلى الإسلام، وله المقامات المعروفة في الفضل ليُنبِّه غيره، حيث إنه
لو بدر هذا من سلمان لهلك، فكيف بغيره؟! وهذا كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ
وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ
وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾ [الزمر: 65]، فهذا من باب التنبيه بالأعلى على الأدنى.
قوله: «يَا فَاطِمَةُ
بِنْتَ مُحَمَّدٍ، لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا...» هذا فيه التفات
إلى ناحية أخرى، وهي أنَّ من كان من بني هاشم، ومن قرابة النبي صلى الله عليه وسلم،
ينبغي أن لا يغتر بذلك ويترك العمل، ويظن أنّ قربه من النبي صلى الله عليه وسلم
سينجيه من عذاب الله عز وجل فإنه لا يُنجي من عذاب الله