إلاَّ الإيمان والعمل الصالح، وليس النسب، كما
قال صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ
نَسَبُهُ» ([1])، فهو نبَّههم أن لا
يتكلوا على نسبهم وقربهم من الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يتركوا العمل أو
يُقِلُّوا منه اتكالاً على نسبهم، ولهذا قال جل وعلا: ﴿إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ﴾ [الحجرات: 13] فلا
تكون نجاة المرء بقرابته من الرسول دون العمل، ولهذا قال: «يَا فَاطِمَةُ»
خصَّها أولاً «يَا عَبَّاسُ، عَمَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لاَ
أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا» خصّ أقاربه، فإذا كان هذا الخطاب لأقرب
الناس إليه، فمن باب أولى لمن لا قرابة بينه وبينهم. والحاصل: أنّ في هذا
تنبيهًا لقرابة محمد صلى الله عليه وسلم، والمنتسبين إليه ألاَّ يغتروا بذلك، كما
يحصل من بعض الجهلة الـذين ينتسبون إلى آل البيت، ويزعمون أنّ هذا يكفيهم، وأنهم
سيدخلون الجنة بمجرد ذلك، حتى قال بعضهم:
يا أكرم الخلق ما لي
من ألوذ به*** سواك عند حُلول الحادث العَممِ
إن لم تكن في معادي
آخذًا بيدي فضلاً*** وإلاَّ قُل يا زلّةَ القدم
وناظم هـذا الشعر ليس مـن
قـريش، ولا قـريبًا منهم، وإذا كان القريبـون من الرسول صلى الله عليه وسلم كبنته
وعمه وعمته، لا يغني عنهم من الله شيئًا، فكيف يُغنِي عن هذا الشاعر، حتى إنه قال
أيضًا:
فإنّ لي ذِمَّةً منه
بتسميتي محمدًا*** وهو أوفى الخلقِ بالذِّممِ
وهذا من المبالغات والمغالطات التي ما أنزل الله بها من سلطان، فلا ينفع الإنسان إلاَّ عمله.
([1])أخرجه: مسلم رقم (2699).