وهذا دليل على أنَّ بغض جنس
العرب ومعاداتهم كفر، أو سبب للكفر. ومقتضاه: أنهم أفضل من غيرهم، وأنَّ محبتهم
سبب قـوة الإيمان. لأنه لو كان تحريم بغضهم كتحريم بغض
سائر الطوائف: لم يكن ذلك سببًا لفراق الدين، ولا لبغض الرسول. بل كان يكون نوع عدوان. فلما جعله سببًا لفراق الدين وبغض الرسول: دل على أنَّ بغضهم أعظم من بغض غيرهم. وذلك دليل على أنهم أفضل. لأنَّ الحب والبغض يتبع الفضل. فمن كان بغضه أعظم: دلّ على أنه أفضل. ودَلّ حينئذ على أن محبته دين لأجل ما فيه من زيادة الفضل، ولأنَّ ذلك ضد البغض، ومن كان بغضه سببًا للعذاب لخصوصه: كان حبه سببًا للثواب. وذلك دليل على الفضل. وقد جاء ذلك مصرحًا به في حديث آخر رواه أبو طاهر السِّلْفي في فضل العرب من حديث أبي بكر بن أبي داود، حدثنا عيسى بن حماد زُغْبة، حدثنا علي بن الحسن الشامي، حدثنا خليد بن دعلج، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حب أبي بكر وعمر من الإيمان، وبغضهما من الكفر،، وَحُبُّ الْعَرَبِ إِيمَانٌ، وَبُغْضُهُمْ كُفْرٌ» ([1]). وقد احتج حرب الكرماني وغيره بهذا الحديث وذكروا لفظه: «حُبُّ الْعَرَبِ إِيمَانٌ وَبُغْضُهُمْ نِفَاقٌ وَكُفْرٍ» ([2]). وهذا الإسناد وحده فيه نظر. لكن لعله روي من وجه آخر، وإنما كتبته لموافقته معنى حديث سلمان. فإنه قد صرَّح في حديث سلمان: بأنَّ بغضهم نوع كفر. ومقتضى ذلك: أن حبهم نوع إيمان. فكان هذا موافقًا له.
([1])أخرجه: الحاكم رقم (6998)، والبيهقي في «الشعب» رقم (1495).